للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وروى مالك بن أنس، عن سليمان بن يسار: أن رسول الله بعث أبا رافع مولاه، ورجلا من الأنصار، فزوجاه ميمونة، وهو بالمدينة قبل أن يخرج. فهذا مالك يرويه موقوفا، ويرويه مرفوعا: مطر الوراق، وليس هو في منزلته في الضبط والإتقان».

قلت: هكذا أعله القدوري بالانقطاع، ولم يلتفت إلى هذه العلة، وكأنه نسيها حين أراد أن يعل حديثه الآخر عند مسلم في النزول بالأبطح [التجريد (٤/ ١٩٦٣)]، فاكتفى برده بأنه ظن من أبي رافع، وأن النبي قصد النزول فيه، وأخبر أنه يفعل ذلك مخالفة لأهل الشرك، وهذا تسليم منه بثبوت الحديث. [حديث أبي رافع في قصة نزول الأبطح: أخرجه مسلم (١٣١٣)، وأبو داود (٢٠٠٩)، ويأتي تخريجه في موضعه من السنن إن شاء الله تعالى، وقد جاء التصريح بسماع سليمان بن يسار من أبي رافع في بعض طرقه، وسيأتي التنبيه على ذلك قريبا].

وقال أبو نعيم في الحلية (٣/ ٢٦٤): «هذا حديث ثابت مشهور من حديث ربيعة، تفرد به عنه: مطر الوراق، ورواه يحيى بن آدم وأبو نعيم عن حماد، عن مطر مثله، ورواه نصر بن مرزوق، عن أبي عبد الرحمن الخراساني الحافظ، ورواه النسائي، عن قتيبة، عن حماد، عن مطر، عن يحيى بن سعيد [كذا قال، وهو في السنن بدونه]، عن ربيعة بن سليمان مثله، وذكر يحيى بن سعيد فيه وهم من بعض الرواة».

وقال البيهقي في المعرفة (٧/ ١٨٥): «مطر بن طهمان الوراق: قد احتج به مسلم بن الحجاج، ومن يحتج في كتابه بمثل أبي بكر بن أبي مريم، والحجاج بن أرطاة، وموسى بن عبيدة، وابن لهيعة، ومحمد بن دينار الطاحي، وبمن هو أضعف منهم، لا ينبغي له أن يرد رواية مطر الوراق، كيف والحجة عليه في أصله برواية مالك قائمة»، يعني: في احتجاج الحنفية بالمرسل.

وقال في موضع آخر (٨/ ٢٣٨): «والعجب أن بعض من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه [يعني: الطحاوي] يطعن في مطر الوراق في مسألة نكاح المحرم، حين روى حماد، عن مطر، عن ربيعة، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع: أن النبي تزوج ميمونة حلالا. ثم يحتج برواية أبي العوام [يعني: عمران بن داور القطان، وهو: صدوق، كثير المخالفة والوهم] عنه [يعني: عن مطر الوراق] في هذه المسألة [يعني: مسألة الرهن بما فيه]، ويجعل اعتماده عليه، إذ ليس له فيما يروي عن غيره حجة كما بينه الشافعي».

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٣/ ١٥١): «هذا الحديث قد رواه مطر الوراق عن ربيعة عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع.

وذلك عندي غلط من مطر؛ لأن سليمان بن يسار ولد سنة أربع وثلاثين، وقيل سنة سبع وعشرين، ومات أبو رافع بالمدينة بعد قتل عثمان بيسير، وكان قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وغير جائز ولا ممكن أن يسمع سليمان بن يسار من أبي رافع، وممكن صحيح أن يسمع سليمان بن يسار من ميمونة؛ لما ذكرنا من مولده؛ ولأن

<<  <  ج: ص:  >  >>