بشأن زواجها، والحديث إذا روي مرة مرسلاً ومرة مسنداً، فإرساله لا يقدح في إسناده، وقد أشبع الشافعي رحمه الله تعالى الكلام على هذا الحديث».
وقال العيني في نخب الأفكار (١٠/ ٣١٨): قلت: هذا إنكار من البيهقي للأمر الصريح مثل الشمس، وكيف لا يكون هذا طعناً من عمرو بن دينار في رواية يزيد بن الأصم وهو ينادي بأعلى صوته، ويقول: أتجعل أعرابياً بوالاً على عقبيه إلى ابن عباس؟! وكيف يكون طعن بأكثر من ذلك؟! واحتجاج الزهري بيزيد بن الأصم لا ينفي طعن عمرو بن دينار فيه، فإن عمرو بن دينار نفسه حجة ثبت، ولا ينقص عن الزهري، على أن بعضهم قد رجحوه على مثل عطاء ومجاهد وطاووس.
قوله: والترجيح يقع بما قال عمرو … إلى آخره؛ غير مسلم؛ لأن مرسل ابن عباس مسند لا ريب فيه، ومرسله خير من مسند غيره من التابعين، ويزيد بن الأصم لا يلحق ابن عباس ولا يقرب منه، ومرسل ابن عباس أعلى من مسند من [هو] أكبر من يزيد بن الأصم فضلاً عن يزيد بن الأصم، ثم إن الذين رووا أنه-﵇ تزوج ميمونة وهو محرم نحو:«سعيد بن جبير، وعطاء، وطاووس، ومجاهد، وعكرمة، وجابر بن زيد أعلى وأثبت من الذين رووا أنه تزوجها وهو حلال، وميمون بن مهران وحبيب بن الشهيد ونحوهما لا يلحقون هؤلاء الذين ذكرناهم».
إلى أن قال (١٠/ ٣٢٧): «وأما حديث يزيد بن الأصم: فإنه قد ضعفه عمرو بن دينار في خطابه للزهري، فلم يبق الاستدلال به صحيحاً، وذلك لأنهم يضعفون الرجل بأقل من هذا الكلام، وبكلام من هو أقل من عمرو بن دينار، فما لهم يسكتون ها هنا ولا يقولون بتضعيف حديث يزيد بن الأصم؟! وقد ذكرنا فيما مضى ما قال البيهقي ها هنا، وما أجبت عنه، ولو كان كلام عمرو بن دينار لم يكن طعناً في يزيد بن الأصم لكان الزهري يرد عليه ما قاله فيه، فسكوته دليل على أن الصواب مع عمرو بن دينار، ومع هذا فإن الحجة عندهم في ميمون بن مهران هو جعفر بن برقان، وقد روى جعفر بن برقان هذا الحديث منقطعاً»، ثم نقل كلام الطحاوي، ثم قال: « … ما يدفع بذلك ما قال البيهقي: رواه ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة موصولاً، وإن كان جعفر بن برقان رواه عن ميمون مرسلاً؛ فقد رواه حبيب بن الشهيد وهو أوثق من جعفر بن برقان ومعه الوليد بن زروان، كلاهما عن ميمون بن مهران موصولاً، ومع روايتهما عن ميمون: رواية أبي فزارة عن يزيد موصولاً، وكل بحمد الله ثقة، فلا يبقى لك طعن في رواية الثقات، ولئن سلمنا ما ذكره البيهقي وغيره، ولكن هؤلاء لا يساوون الذي رووه عن ابن عباس: أنه-﵇ تزوجها وهو محرم؛ لأن الذين رووه عن ابن عباس أهل علم وثبت وضبط وإتقان، وهم: سعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس بن كيسان، ومجاهد بن جبر، وعكرمة مولى ابن عباس، وجابر بن زيد أبو الشعثاء، فهؤلاء أئمة أجلاء أثبات، وحجج يحتج بروايتهم، ويقتدي بآرائهم، وكذلك الذين رووا عنهم ونقلوا منهم: عمرو بن دينار،