للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

حلال، فالرواية مختلفة في نكاحه وهو محرم، فإن صح أنه نكح وهو محرم، وقد قال: «لا ينكح المحرم، ولا يُنكِح؛ فحينئذ يتصور التخصيص».

وقال في المعرفة (٧/ ١٨٣): «هذا الذي ذكره عمرو بن دينار لا يوجب طعناً في روايته، ولو كان مطعوناً في الرواية لما احتج به ابن شهاب الزهري، وإنما قصد عمرو بن دينار بما قال؛ ترجيح رواية ابن عباس على رواية يزيد بن الأصم.

والترجيح يقع بما قال عمرو، ولو كان يزيد يقوله مرسلاً كما كان ابن عباس يقوله مرسلاً؛ إذ لم يشهد عمرو القصة، كما لم يشهدها يزيد بن الأصم، إلا أن يزيد إنما رواه عن ميمونة وهي صاحبة الأمر، وهي أعلم بأمرها من غيرها، ثم أسند حديث جرير بن حازم حدثنا أبو فزارة، عن يزيد بن الأصم، قال: حدثتني ميمونة بنت الحارث: أن رسول الله ، تزوجها وهو حلال. قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس. ثم قال: أخرجه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن أبي شيبة. وكذلك رواه ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة، موصولاً. وإن كان جعفر بن برقان رواه عن ميمون مرسلاً؛ فقد رواه حبيب بن الشهيد وهو أوثق من جعفر بن برقان، ومعه الوليد بن زروان، كلاهما عن ميمون بن مهران موصولاً، وكل بحمد الله ثقة، فلا معنى للطعن في رواية الثقات» [انظر: نخب الأفكار (١٠/ ٣٢٧)].

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٣/ ١٥٧): «ذكر ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: حَدَّثْتُ ابن شهاب: عن جابر بن يزيد عن ابن عباس أن رسول الله نكح ميمونة وهو محرم. فقال ابن شهاب حدثني يزيد بن الأصم، أن رسول الله تزوج ميمونة وهو حلال. قال: قلت لابن شهاب: أتجعل حفظ ابن عباس كحفظ أعرابي يبول على فخذيه». وقال ابن الأثير في الشافي (٣/ ٣٥٠): وقوله: أتجعل يزيد بن الأصم إلى ابن عباس: يريد أن ابن عباس روى أن النبي تزوج ميمونة وهو محرم، وقد تعاضدت الروايات على تخريج حديث ابن عباس، وهو حديث صحيح.

معنى «أتجعل يزيد بن الأصم إلى ابن عباس؛ أي أتقيس ذا إلى ذا، كأنه إنكار لأن يعارض حديث ابن عباس - مع تقدمه في العلم واشتهاره في الصحابة والرواية - بحديث يزيد بن الأصم - مع نزوله عن مرتبة ابن عباس، فقال عمرو بن دينار هذا القول للزهري كالمنكر له، ويعضد ذلك ما جاء في الرواية: أتجعل أعرابياً بوالاً على عقبيه، وهذا الذي ذكره عمرو بن دينار لا يوجب طعناً في رواية يزيد بن الأصم، فإنه لو كان ضعيفاً أو مطعوناً فيه لما احتج ابن شهاب به، وإذا قصد عمرو بما قال ترجيح حديث ابن عباس على حديث يزيد، فالترجيح يقع بما قال لو كان يزيد روى الحديث مرسلاً كما رواه ابن عباس مرسلاً، لأن ابن عباس روى الحديث ولم يشهد وقت زواج ميمونة، فإن النبي تزوجها في عمرة القضاء، وابن عباس لم يشهد عمرة القضاء، ويزيد وإن كان لم يشهد عمرة القضاء فإنما روى حديثه مرة مرسلاً؛ ومرة مسنداً عن خالته ميمونة، وهي أخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>