وأخرج له مسلم والأربعة [التهذيب (١٣/ ٥٩٥ - ط دار البر)]، ولم ينفرد به عن أبان بن عثمان، بل تابعه عليه: عثمان بن عمر بن موسى بن عبيد الله بن معمر التيمي، المدني قاضيها، وهو صدوق.
وصحح حديث نبيه هذا: مسلم، والترمذي، وأبو عوانة، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن الجارود، وابن عبد البر، واحتج به عامة الأئمة النقاد والفقهاء، مثل: مالك، والليث بن سعد، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق ابن راهويه، والدارمي، وأبي داود، والنسائي، وغيرهم كثير.
أولئك آبائي فجئني بمثلهم … إذا جمعتنا يا جرير المجامع
قال البيهقي في المدخل إلى السنن (٢/ ٥١١ - ت عوامة): «وقدم الشافعي حديث عثمان بن عفان، عن النبي ﷺ: «لا يَنكِح المحرم، ولا يُنكِح»، على حديث ابن عباس: أن رسول الله ﷺ نكح ميمونة وهو محرم، بأن عثمان لم يكن غائباً عن نكاح ميمونة، لأنه كان مع النبي ﷺ في سفره الذي نكح فيه ميمونة، في عمرة القضية، وأشار إلى أن ابن عباس لم يكن يوم نكح بالغاً، ولا له يومئذ صحبة، ثم عارض حديث ابن عباس برواية يزيد بن الأصم، وهو ابن أختها: أنه نكحها وهو حلال، ومعه سليمان بن يسار، وهو عتيقها، أو ابن عتيقها، يقول: نكحها وهو حلال، وسعيد بن المسيب، يقول: نكحها وهو حلال.
قال أحمد: وثبت عن أبي فزارة، عن يزيد بن الأصم، قال: حدثتني ميمونة بنت الحارث؛ أن رسول الله ﷺ تزوجها وهو حلال، قال يزيد: وكانت خالتي وخالة ابن عباس.
ورواه كذلك موصولاً: ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، عن خالته ميمونة، وهي صاحبة الأمر، فهي أعرف بنكاحها.
قال الشافعي: ومما يستدل به على تقوية هذا: أن عمر، وزيد بن ثابت ﵄ ردا نكاحي مُحْرِمَيْنِ، وأن ابن عمر قال: لا يَنكِح المحرم، ولا يُنكح».
وأما دعوى الطحاوي: وليس يجب أن يُحتج بحديث ابن الشهيد على الزهري؛ لضبط الزهري وتقدمه، فيقال: الناظر في الحديثين يجد أن لا تخالف بينهما: فحديث حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد ظاهر الاتصال، وأما حديث الزهري فظاهره الإرسال، لكنه في معنى المتصل، وقد سبق بيان ذلك مراراً، وسيأتي التأكيد عليه، وبيان قرائن الاتصال بعد قليل إن شاء الله.
قال الطبراني:«لم يرو هذا الحديث مجوداً عن حبيب بن الشهيد، إلا حماد بن سلمة، ولم يقل أحد في متن هذا الحديث: بعد ما رجع من مكة، إلا حماد بن سلمة». قلت: وحماد بن سلمة: ثقة، وقد تابعه على أصل الحديث: الوليد بن زروان، وهو: صالح الحديث، وبقية طرق الحديث اشتملت على قرائن تؤيد هذا الاتصال وتؤكده،