منصور بن صفية، عن أمه، عن عائشة. وقال ابن مهدي، ووكيع، والفريابي، وروح بن عبادة: عن الثوري، عن منصور، عن أمه؛ أن النبي ﷺ ليس فيه: عن عائشة. وهذا القول أصح؛ لأن البخاري أخرجه من حديث الفريابي، عن الثوري، عن منصور، عن أمه، عن النبي ﷺ، ولم يخرج خلافه. وصفية بنت شيبة ليست بصحابية، وحديثها مرسل، وإن كان البخاري أخرجه»؛ فأصاب البرقاني في المسألة الأولى، وأخطأ في الثانية [انظر: الجمع بين الصحيحين للحميدي (٤/ ٣١٢). التحفة (١٥٩٠٧)]، مع الأخذ في الاعتبار أن طريق ابن جريج لا يُعرف إلا من جهة الدارقطني في علله، وقد اضطرب في نسبة القول إليه؛ فلا يُعتد به، وأما طريق ابن عيينة، فإنما يرويه الحميدي في مسنده (٢٣٨)، قال: ثنا سفيان، قال: حدثونا عن منصور بن عبد الرحمن، عن أمه، عن عائشة؛ أن رسول الله ﷺ أولم على بعض نسائه بشعير. قال الحميدي: فوقفنا سفيان، فقال: لم أسمعه. اهـ، فتبين بذلك أن ابن عيينة لم يسمعه من منصور، فلا تعارض به رواية الثوري المحفوظة عنه، والله المستعان، وذلك فضلاً عن إعراض النسائي عن ذكر رواية ابن عيينة حين عرض الخلاف فيه على الثوري، ولا أنه تطرق لرواية ابن جريج، مما يدل على أنها لا تعرف عنه، وقد أحببت سوق هذه الفائدة مختصرة، دون الخوض في تخريج الحديث موضع الإشكال، حتى يأتي الوقت المناسب لذلك إن شاء الله تعالى، والله أعلم.
وبهذا يكون لجعفر بن برقان عن ميمون بن مهران في هذا الحديث إسنادان: أحدهما عن يزيد بن الأصم، والآخر عن صفية بنت شيبة، وهو محفوظ عنه بالوجهين؛ إذ قد رواه عنه بهما: الثقة الثبت أبو نعيم الفضل بن دكين، وقد توبع على كلا الوجهين، كما توبع أيضاً جعفر بن برقان على الوجهين، كما سيأتي.
قال الميموني في سؤالاته لأحمد (٣٥٥)، عن أحمد بن حنبل، قال:«جعفر بن برقان: ثقة ضابط لحديث ميمون، وحديث يزيد بن الأصم، وهو في حديث الزهري يضطرب، ويختلف فيه».
وقال البرقاني في سؤالاته للدارقطني (٨١): «قلت له - وأبو الحسن ابن مظفر حاضر -: جعفر بن برقان؟ فقالا جميعاً: قال أحمد بن حنبل: يؤخذ من حديثه ما كان عن غير الزهري، فأما عنه فلا. قلت: فقد لقيه، فما بلاؤه؟ قال الدارقطني: ربما حدث الثقة، عن ابن برقان، عن الزهري، ويحدثه الآخر عن ابن برقان، عن رجل، عن الزهري، أو يقول: بلغني عن الزهري، فأما حديثه عن ميمون بن مهران، ويزيد بن الأصم: فثابت صحيح».
قلت: وقد تقدم بيان اتصال حديث يزيد بن الأصم، بدلالة إشارة ميمون بن مهران، واحتجاج الخليفة عمر بن عبد العزيز به، ورجوع عطاء بن أبي رباح عن حديث ابن عباس؛ عملاً منه بحديث ميمونة هذا، حيث قال:«ما كنا نأخذ هذا إلا عن ميمونة»؛ فدل ذلك على اتصاله وصحة سنده عنده؛ فهو حديث صحيح متصل، وإن كان البعض اغتر بظاهر سنده فحسبه مرسلاً، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.