الفتح لابن حجر (٩/ ٢٣٨). الإصابة (٨/ ٢١٣). التهذيب (١٥/ ١٠٤١ - ط دار البر)].
فائدة، واستطراد: قال الدارقطني في كتابه: أسماء الصحابة التي اتفق فيها البخاري ومسلم وما انفرد به كل واحد (٣٩): «وانفرد البخاري بإخراج صفية بنت شيبة، وهو في الأحاديث التي تُعَدُّ فيما أخرجه من المراسيل، وليس بصحيح رُؤْيَتُها للنبي ﷺ، واختلف في ذلك»، قلت: مصدر الدارقطني في هذا النفي، والاعتراض على البخاري؛ هو تصرف النسائي في سننه الكبرى (٦٥٧٢ و ٦٥٧١)؛ حين أخرج الحديث الذي أخرجه البخاري في الوليمة، ثم حكم عليه بالإرسال، وهذا الحديث رواه أربعة من أصحاب الثوري، وأكثرهم متكلم في روايتهم عن الثوري، وممن يهم عليه كثيراً؛ فجعلوه عن صفية عن عائشة، فسلكوا فيه الجادة، لكن رواه ثلاثة من أصحاب الثوري المقدمين فيه: عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح، ومحمد بن يوسف الفريابي، وتابعهم: روح بن عبادة، ومحمد بن كثير العبدي، وغيرهما، فجعلوه من مسند، صفية، وأنها الصحابية التي روت الحديث، ولهذا أخرجه البخاري في صحيحه، وعد رواية الآخرين سلوكاً للجادة، وأما النسائي فلم يُعمل الأصل الدال على كون صفية سمعت النبي ﷺ وروت عنه، وإنما نظر إلى أن من أسقط عائشة من الإسناد فقد أرسل الحديث، ولهذا عقب على رواية الثقات من أصحاب الثوري بأن الحديث مرسل، وهذا خطأ، تبعه عليه الدارقطني، والصواب مع البخاري، مع إمكان حمل قول النسائي على مرسل الصحابي؛ لصغر سن صفية وعدم إدراكها الواقعة، وأنها حملتها عن أمهات المؤمنين، وقد نبه ابن حجر في الفتح (٩/ ٢٣٩) على هذا المعنى، والعجيب أن هذا الحديث مما اختلف فيه قول الدارقطني في كتابه العلل، بناء على اختلاف سوقه لاختلاف الرواة فيه، وذكره لطرق لا تثبت عن أصحابها، كابن جريج وابن عيينة، فضلاً عن نسبة القول وضده إلى ابن جريج، وجعله في الموضع الأول من مسند عائشة، وجعله في الموضع الثاني من مسند صفية، وهذه صورة كلامه في الموضعين، قال في الموضع الأول (١٥/ ١٥٨/ ٣٩١٨): «حدث به: ابن جريج، وابن عيينة، عن منصور بن صفية، عن أمه، عن عائشة. واختلف عن الثوري؛ فرواه يحيى بن يمان، وأبو أحمد الزبيري، ومؤمل، ويحيى بن أبي زائدة عن الثوري، عن منصور، عن أمه، عن عائشة. وغيرهم يرويه عن الثوري، عن منصور بن صفية، عن أمه، مرسلاً. وذكر عائشة فيه صحيح»، وقال في الموضع الثاني (١٥/ ٣٠٨/ ٤٠٥٦): «يرويه ابن جريج، والثوري، عن منصور بن صفية، عن أمه واختلف عن الثوري؛ فرواه وكيع، ومحمد بن كثير، عن الثوري، عن منصور بن صفية، عن أمه، عن النبي ﷺ. ورواه يحيى بن أبي زائدة، وأبو أحمد الزبيري، ومؤمل، عن الثوري، عن منصور بن صفية، عن أمه، عن عائشة. والأول أصح»، وتابعه البرقاني على هذا الترجيح الثاني الموافق لصنيع البخاري، إلا أنه تابعه على نفي الصحبة عن صفية، فقال: «هذا حديث اختلف فيه على الثوري، فقال أبو أحمد الزبيري، ومؤمل بن إسماعيل، ويحيى بن يمان: عن الثوري، عن