وميمون يومئذ على الجزيرة؛ أن يسأل يزيد بن الأصم؛ فقال يزيد: تزوجها النبي ﷺ وهما حلالان.
ولفظ كثير بن هشام [عند الدوري]: ميمون بن مهران قال: كنت عند عطاء بن أبي رباح فسئل: أيتزوج المحرم؟ قال: ما حرم الله النكاح منذ أحله، فنظرت إليه، فقال: مه، أيريبك شيء؟ فقال: فقال ميمون: كتب إلي عمر بن عبد العزيز - وأنا يومئذ على أرض الجزيرة -: أن سل يزيد بن الأصم: أتزوج رسول الله ﷺ ميمونة وهو حلال أو هو حرام؟ قال يزيد: لا، بل تزوجها وهو حلال.
أخرجه البخاري في التاريخ الأوسط (١/ ٢٥٦/ ١٢٤٦)، وابن سعد في الطبقات (٨/ ١٣٤)، وعباس بن محمد الدوري [عزاه إليه: ابن ناصر الدين في جامع الآثار (٧/ ١٧٩)]، والطحاوي في شرح المعاني (٢/ ٢٧٠/ ٤٢٢٠)، وفي اختلاف العلماء (٢/ ١١٦ - اختصار الجصاص). [الإتحاف (٧/ ٤٣٧/ ٨١٥٨) و (١٩/ ٦٢٠/ ٢٥٤٤٦)]. وهذا صورته مرسل، وآخره يدل على اتصاله.
قال الطحاوي في شرح المعاني (٢/ ٢٧١): «فأخبر جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران، بالسبب الذي له وقع إليه هذا الحديث عن يزيد بن الأصم، وأنه إنما كان ذلك من قول يزيد لا عن ميمونة، ولا عن غيرها، ثم حاج ممون به عطاء، فذكره عن يزيد، ولم يجوزه به، فلو كان عنده، عمن هو أبعد منه؛ لاحتج به عليه؛ ليؤكد بذلك حجته. فهذا هو أصل هذا الحديث أيضاً عن يزيد بن الأصم، لا عن غيره، والذين رووا أن النبي ﷺ تزوجها وهو محرم أهل علم».
• قلت: ويجاب عن ذلك بمثل الجواب السابق بعد حديث أيوب السختياني عن ممون بن مهران عن يزيد مرسلاً، ويضاف إلى ما تقدم:
قول عطاء بن أبي رباح: ما حرم الله النكاح منذ أحله، منقوض بتحريم جماع الرجل أهله في نهار رمضان، فإن فعل كان عاصياً، مرتكباً كبيرة من كبائر الذنوب، مفطراً في نهار رمضان، قد أوجب على نفسه كفارة مغلظة، ويزيد هذا إيضاحاً: حديث أبي هريرة ﵁، قال: أتى النبي ﷺ رجل، فقال: هلكت، قال:«ولم؟»، قال: وقعت على أهلي في رمضان وفي رواية: وقعت على امرأتي وأنا صائم، قال:«فأعتق رقبة»، قال: ليس عندي، قال:«فصم شهرين متتابعين»، قال: لا أستطيع، قال:«فأطعم ستين مسكيناً» … الحديث [أخرجه البخاري (١٩٣٦)، وأطرافه. ومسلم (١١١١)]، كما حرم الله الجماع على المحرم، وحرم الصيد على المحرم، فكذلك حرم على المحرم مقدمات الجماع وأسبابه، ومن أسبابه عقد النكاح.
وأما احتجاج ميمون على عطاء؛ فإنما هو باكتفاء الخليفة عمر بن عبد العزيز بقول يزيد بن الأصم، وإخباره أن رسول الله ﷺ تزوج خالته ميمونة وهما حلالان، وهو الأمين فيما يخبر به، ولولا أن عمر يعلم أنه إنما أخذه عن ميمونة لما سكت عن ذلك ولا أقر به،