للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الحديث الدال على صحة فَتواهم، وكان عَطاء يفعل ذلك كثيراً، بل يفعله كثير من التَّابِعين.

الثَّاني: أن عمر بن عبد العزيز وَجَّه مَيْمُون بن مِهْران ليسأل يزيد بن الأَصَم عن تزوج رسول الله مَيْمُونة، فسأله، فقال: تزوجها حلالاً، وبنى بها حلالاً، وبنى بها بسرف، وذاك قبرها تحت السَّقيفة؛ فلم يقع السؤال عن حُجَّته في ذلك، ولا عمن أخذه.

الثَّالث: أن عمر بن عبد العزيز الخليفة العادل المأمون إنما وَجَّه مَيْمُون بن مهران لسؤال من تطمئن نفس الخليفة لثقته وعدالته، واختصاصه بالمسألة المسئول عنها، واختصاصه بحال مَيْمُونة، حيث كان ربيباً عندها، فاطلع من حالها وسيرتها مع رسول الله ، وأخذ عنها عِلْمها؛ لا سيما قصة زواجها برسول الله . وعندئذ يحسن لك أن تنقل قول ابن عبد البر في التمهيد (٣/ ١٥٥): «فهذا عمر بن عبد العزيز يقنع في ذلك بيزيد بن الأصم؛ لعلمه باتصاله بها، وهي خالته، ولثقته به».

الرابع: أن قد جرت العادة في الأبناء والأحفاد أن يحكوا مآثر ومفاخر وفضائل ومناقب آبائهم وأمهاتهم - وإن علوا - بغير إسناد؛ اعتماداً على كون السامع يعلم، بل ويوقن بأنه إنما تحمل ذلك عن أبيه أو أمه، ويزيد بن الأصم كان ربيباً عند خالته مَيْمُونة، فكانت منه بمنزلة الأم، ومثل هذا لا يحتاج إلى إسناد؛ يعني: لا يحتاج أن يقول: حدثتني خالتي مَيْمُونة، وإن كان قد فعل ذلك، لما روى الحديث رواية.

وعلى هذا: فيحمل الاختلاف على مَيْمُون بن مهران بأنه قد وقع له ذلك مرتين، مرة حين وَجَّه له سؤال عمر بن عبد العزيز، ومرة حين تحمل عنه القصة بالإسناد، فحدث كلاً بما سمع، لكن مَيْمُون بن مهران كان حريصاً على التحديث بقصة عمر بن عبد العزيز وإرساله له، لبيان مكانته عند الخليفة، حيث ارتضاه رسولاً وأميناً على الرسالة، فنقل ذلك عنه أكثر أصحابه، وبذا يظهر لك سبب انتشار الرواية المرسلة، والله أعلم.

٢ - جعفر بن بُرقان:

* رواه أبو نعيم الفضل بن دُكين [ثقة ثبت]، وكثير بن هِشَام [الكلابي الرقي: ثقة]: حدثنا جعفر بن بُرقان [الرقي: ثقة، ضابط لحديث مَيْمُون بن مهران، من أثبت الناس فيه، إنما يُضعف في حديث الزهري]: حدثنا مَيْمُون بن مهران، قال: كنت جالساً عند عطاء فجاءه رجل، فقال: هل يتزوج المحرم؟ فقال عطاء: ما حرم الله النكاح منذ أحله، قال مَيْمُون: فقلت إن عمر بن عبد العزيز كتب إليَّ - وميمون يومئذ على أرض الجزيرة -: أن سل يزيد بن الأصم: أكان رسول الله يوم تزوج ميمونة حلالاً أم حراماً؟ قال: فقال ميمون فقال يزيد بن الأصم: تزوجها وهو حلال، وكانت ميمونة خالة يزيد بن الأصم. قال عطاء: ما كنا نأخذ هذا إلا عن ميمونة، وكنا نسمع أن رسول الله تزوجها وهو محرم. لفظ أبي نعيم [عند ابن سعد، والطحاوي].

ولفظ أبي نعيم [عند البخاري] عن ميمون: أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>