للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقد قيل: إن ثقات أصحاب مالك ورواة موطئه قد خولفوا:

قال الدارقطني في العلل (١٣/ ٧٤/ ٢٩٦٣)، لما سئل عن هذا الحديث: «رواه محمد بن خليد، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا».

والصحيح: عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، موقوفا».

قلت: مثل هذا كان ينبغي أن يهمل ولا يذكر، فإذا كان يفوت الدارقطني ذكر رواية الثقات الأثبات في الاختلاف، ولا يخفى عليه وقوع الفوت، فكان لا ينبغي له ذكر ما كان يضرب عليه كبار الأئمة النقاد قبله بقرابة قرنين من الزمان، فأين محمد بن خليد هذا من الإمام الشافعي وحده، فكيف وقد تابع الشافعي على الوقف ثقات أصحاب مالك، ورواة موطئه: عبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الرحمن بن القاسم، وأبو مصعب الزهري، وبشر بن عمر الزهراني، ويحيى بن عبد الله بن بكير، ويحيى بن يحيى الليثي، وسويد بن سعيد الحدثاني، ومحمد بن الحسن الشيباني.

ثم إن محمد بن خليد الكرماني الحنفي هذا: ضعيف جدا، يروي الأباطيل عن الثقات المشاهير، ويقلب الأخبار، ويسند الموقوف، وسأل البرذعي أبا زرعة الرازي عنه، فقال: «ما أعرفه»، وذكر له أحاديث رواها، فقال: «هذه الأحاديث أباطيل»، واتهم بوضع الحديث، قال العقيلي: «محمد بن خليد يضع الحديث». [سؤالات البرذعي (٢/ ٥١١). الجرح والتعديل (٧/ ٢٤٨). ضعفاء العقيلي (٢/ ٢٢٥). المجروحين (٢/ ٣٠٢). المؤتلف للدارقطني (٢/ ٨٨٢). ضعفاء ابن الجوزي (٢٩٦٥). اللسان (٧/ ١١٤ و ١٢٣)]، ومثل هذا الراوي كان الأئمة يضربون على حديثه؛ كي لا ينتشر الباطل والمنكر والموضوع، وإلا أصبح مع مرور الأيام حديثا يروى، ويحتج بمثله الفقهاء.

ب - ورواه علي بن الجعد [ثقة ثبت]: أنا ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: المحرم لا ينكح، ولا يخطب.

أخرجه أبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (٢٧٩٢).

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.

فإن قيل: نسب بعضهم إلى ابن أبي ذئب أنه ممن رواه عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، فيقال: ثبت العرش ثم انقش؛ إنما ثبت عندنا بالإسناد الصحيح العالي: أنه رواه موقوفا.

ولا يعرف هذا؛ إلا فيما حكاه الدارقطني، حيث قال في العلل (١٣/٧٤/٢٩٦٣) لما سئل عمن روى هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، فقال: «يرويه ميمون بن زيد، عن عمر بن محمد، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي .

وكذلك روي عن إسماعيل بن أمية، وابن أبي ذئب، والضحاك بن عثمان، ومالك بن أنس، واختلف عنه».

قلت: أما حديث عمر بن محمد فإنه غريب من حديثه، وأما حديث إسماعيل بن

<<  <  ج: ص:  >  >>