للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال في رواية المروذي: لا يغسل رأسه بالخطمي، ولكن يصب على رأسه الماء صباً، ولا يدلكه. فمنعه من الدلك مطلقاً … .

وقال القاضي وابن عقيل وغيرهما من أصحابنا: إن لم يكن عليه جنابة صب الماء على رأسه صباً، ولم يحكه بيده، وإن كان عليه جنابة استحب أن يغسله ببطون أنامله ويديه، ويزايل شعره مزايلة رفيقة، ويسرب الماء إلى أصول شعره، ولا يحركه بأظافيره، ويتوقى أن يفتل منه شيئاً، فإن حركه تحريكاً خفيفاً أو شديداً فخرج في يده منه شعر فالاحتياط أن يفديه، ولا يجب ذلك عليه حتى يتيقن أنه قطعه، وكذلك شعر اللحية فالاحتياط أن يفديه، ولا يجب ذلك عليه حتى يتيقن أنه قطعه. قالوا: فأما بدنه فيدلكه دلكاً شديداً إن شاء. فقد جوزوا له ذلك البدن شديداً، وإن كان فيه إزالة الوسخ، بخلاف شعر الرأس، فإنه يخاف أن يقطع الشعر.

وإذا كان الغسل واجباً فإنه لا بد أن يوصل الماء إلى أصول الشعر، بخلاف المباح، فإنه لا حاجة به إلى ذلك.

والصواب أن الغسل المستحب للمحرم مثل دخول مكة، والوقوف بعرفة، ونحو ذلك يستحب فيه ذلك. فأما المباح فإن ذلك جائز فيه، كما نص عليه … .

وأما دلك البدن بالماء، فإن كراهته للأشنان والمحلب في البدن دليل على أنه كره تعمد إزالة الوسخ. وقال في رواية عبد الله: يحك رأسه وجسده حكاً رفيقاً؛ لأن الحك الشديد إن صادف شعراً قطعه، وإن صادف قملاً قتله، وإن صادف بثرة جرحها، وإن كان مع الماء أو الغرف أزال الوسخ.

وعلى قول القاضي وابن عقيل: يحك بدنه حكاً شديداً إن شاء؛ لأن الإدماء وإزالة الوسخ ليس بمكروه عندهم، وصرح القاضي بأن ما يزيل الوسخ من الماء والأشنان ونحو ذلك لا فدية فيه، وجعله أصلاً لمسألة السدر والخطمي.

وأما غسل الرأس بالخطمي والسدر: فالمنصوص عنه في رواية صالح: إذا غسل رأسه بالخطمي افتدى. وقال في رواية المروذي: ولا يغسل رأسه بالخطمي، ولكن يصب على رأسه الماء صباً، ولا يدلكه وقال في رواية ابن أبي حرب وسئل عن المحرم يغسل بدنه بالمحلب، فكرهه وكره الأشنان. وذكر القاضي وغيره رواية أخرى: أنه لا فدية عليه بذلك، وأخذها من قوله في رواية حنبل: لا بأس أن يغسل المحرم رأسه وثوبه. فأطلق الغسل، ومن كونه قد قال في رواية أبي داود حديث ابن عباس: أن رجلاً وقصت به ناقته وهو محرم، فيه خمس سنن كفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، ولا تمسوه طيباً، واغسلوه بماء وسدر، أي في الغسلات كلها. وكذلك ذكر في غير موضع تغسيل الميت المحرم بماء وسدر، مع أن حكم الإحرام باق عليه بعد الموت، فعلم أنه ليس ممنوعاً منه في الحياة»، ثم أخذ ابن تيمية يشرح كلام أحمد ومراده بكلام طويل خلاصته: أن أحمد يرى أن المحرم الميت لا يغسل كما يغسل الحلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>