للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أو يتعمد شم الطيب، وأما الدهن في رأسه أو بدنه بالزيت والسمن ونحوه إذا لم يكن فيه طيب ففيه نزاع مشهور وتركه أولى، ولا يقلم أظفاره، ولا يقطع شعره، وله أن يحك بدنه إذا حكه، ويحتجم في رأسه وغير رأسه، وإن احتاج أن يحلق شعراً لذلك جاز؛ فإنه قد ثبت في الصحيح: أن النبي احتجم في وسط رأسه وهو محرم، ولا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر، وكذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره، وإن تيقن أنه انقطع بالغسل، ويفتصد إذا احتاج إلى ذلك، وله أن يغتسل من الجنابة بالاتفاق، وكذلك لغير الجنابة» [مجموع الفتاوى (٢٦/ ١١٦)].

وقال ابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٥٤٩ - ط عطاءات العلم): «وأما النظافة: فللمحرم أن يغسل رأسه وبدنه وثيابه، وأن يبدل ثياب الإحرام ويبيعها، وإن كان في ذلك إزالة وسخه، وإزالة القمل الذي كان بثيابه، وإن أفضى اغتساله إلى قتل القمل الذي برأسه، حتى له أن يدخل الحمام؛ ما لم يفض ذلك إلى قطع شعر.

قال أحمد في رواية عبد الله: ويغسل المحرم ثيابه، ويدخل الحمام، ويتداوى بالأكحال كلها ما لم يكن كحل فيه طيب. وقال في رواية حنبل: المحرم يدخل الحمام، وليس عليه كفارة، ولا بأس أن يغسل المحرم رأسه وثوبه. وقال حرب: قلت لأحمد يبيع المحرم الثوب الذي أحرم فيه ويشتري غيره؟ قال: نعم، لا بأس به. وقال عبد الله أيضاً: سألت أبي عن المحرم يدخل الحمام؟ فقال: نعم، ولا يمر بيده الشعر مراً شديداً، قليل قليل، ولا بأس بالحجامة للمحرم ما لم يقطع شعراً، ولا بأس بالكساء إذا أصابه البرد، ولا يتفلى المحرم ولا يقتل القمل، ويحك رأسه وجسده حكاً رفيقاً، ولا يقتل قمله، ولا يقطع شعره ولا يدهنه. وقال في رواية محمد بن أبي حرب: وسئل عن المحرم يغسل بدنه بالمحلب، فكرهه وكره الأشنان».

ثم احتج بحديث أبي أيوب، وبأثر يعلى بن منية عن عمر في صب الماء على رأسه، وأنه لا يزيده إلا شعثاً، وبأثر ابن عباس مع عمر في التغاطس في الماء، وبما ثبت عن ابن عباس في دخول الحمام، وببعض الآثار عن ابن عمر، ثم قال: «فإن قيل: هذا فيه إزالة الوسخ، والغبار، وقتل القمل، وقطع الشعر، وتخمير الرأس في الماء.

قيل: أما تخمير الرأس؛ فإنه ليس المقصود التغطية، وإنما المقصود الاغتسال، فصار كما لو حمل على رأسه شيئاً. وأما قطع الشعر: فإنما يجوز له من ذلك ما لا يقطع شعراً. وأما إزالة الوسخ وقتل القمل فسنتكلم عليه.

وهذا يقتضي أنه يكره تعمد إزالة الوسخ، وكذلك قتل القمل، فعلى هذا يحرك رأسه تحريكاً رفيقاً، كما فعل أبو أيوب، ورواه عن النبي ، سواء كان عليه جنابة أو لم يكن. وهو معنى قول أبي عبد الله: ولا يمر بيده على الشعر مراً شديداً، يعني: أن الخفيف - مثل أن يكون ببطون أصابعه ونحو ذلك - لا بأس به؛ وذلك خشية أن يقتل قمله، أو يزيل وسخاً، أو يقطع شعراً. [قلت: حديث أبي أيوب لم يدل على شيء من ذلك].

<<  <  ج: ص:  >  >>