جسده، أو ألقاها، أو قتل قمل حلال، فلا فدية عليه، والقملة ليست بصيد، نص عليه في المناسك الكبير. قال: ولو أخرجها من رأسه فقتلها أو طرحها يفتدي، لأنها كإماطة الأذى، فكرهناه كراهية قطع الظفر والشعر. وقال: افتدى بلقمة، وكل ما افتدى به، فهو أكثر منها.
قال: والصئبان كالقمل فيما أكره من قتله وأجيز وهو صغار القمل وبيضه. وقال بعض أصحابنا بخراسان: قال الشافعي في موضع: لا فدية فيه. وقال في الأم فيه الفدية؛ لإماطة الأذى بها كحلق الشعر، فقيل: قولان. وقيل: قولاً واحداً لا تجب الفدية، وأراد بما ذكر من الفدية الاستحباب، وهذا أصح.
وقيل: إن الشافعي قال: وإن كان القمل على ظاهر بدنه، أو ثوبه أماطه عنه، وإن كان في رأسه أو لحيته أكره أن يتوقى ذلك. وقال بعض أصحابنا: وكذلك البق والبعوض والقردان، ولا فرق في هذا بين الرجل والمرأة».
وقال البغوي في شرح السنة (٧/ ٢٥٥): «يجوز للمحرم الاغتسال، ودخول الحمام، ودخول الماء، وتغييب رأسه فيه عند عامة العلماء، روى عكرمة، عن ابن عباس، قال: ربما قال لي عمر بن الخطاب: تعال أباقيك في الماء أينا أطول نفساً، ونحن محرمون. ودخل ابن عباس حماماً بالجحفة وهو محرم، وقال: ما يعبأ الله بأوساخنا شيئاً. وقال جابر: المحرم يغتسل ويغسل ثوبه إن شاء، حُكي عن مالك، أنه كان يكره للمحرم أن يغيب رأسه في الماء، لعله شبهه بتغطية الرأس بالثياب، والعامة على خلافه».
وقال ابن قدامة في المغني (٥/ ١١٧): «ولا بأس أن يغسل المحرم رأسه وبدنه برفق، فعل ذلك عمر وابنه ورخص فيه علي وجابر، وسعيد بن جبير، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكره مالك للمحرم أن يغطس في الماء، ويغيب فيه رأسه. ولعله ذهب إلى أن ذلك ستر له، والصحيح أنه لا بأس بذلك، وليس ذلك بستر، ولهذا لا يقوم مقام السترة في الصلاة»، ثم احتج بأثر عمر وابن عباس، وحديث أبي أيوب، ثم قال:«وأجمع أهل العلم على أن المحرم يغتسل من الجنابة».
ثم قال (٥/ ١١٨): «ويكره له غسل رأسه بالسدر والخطمي ونحوهما؛ لما فيه من إزالة الشعث والتعرض لقلع الشعر، وكرهه جابر بن عبد الله، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، فإن فعل فلا فدية عليه، وبهذا قال الشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر، وعن أحمد: عليه الفدية، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وقال صاحباه: عليه صدقة؛ لأن الخطمي تستلذ رائحته، وتزيل الشعث، وتقتل الهوام، فوجبت به الفدية كالورس.
ولنا: أن النبي ﷺ قال في المحرم الذي وقصه بعيره: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً». متفق عليه. فأمر بغسله بالسدر، مع إثبات حكم الإحرام في حقه، والخطمي كالسدر، ولأنه ليس بطيب، فلم تجب الفدية باستعماله كالتراب، وقولهم: تستلذ رائحته ممنوع، ثم يبطل بالفاكهة،