للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إن ألقاها من ظاهر بدنه أو ثيابه، أو بدن محل أو محرم: فهو جائز، ولا شيء عليه رواية واحدة». [وانظر: التعليقة الكبيرة (٢/ ٤٠٧)].

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٤/ ٢٦٣) تعليقاً على حديث أبي أيوب: «وفي هذا الحديث من الفقه أن الصحابة إذا اختلفوا لم تكن الحجة في قول واحد منهم إلا بدليل يجب التسليم له من الكتاب أو السنة؛ ألا ترى أن ابن عباس والمسور بن مخرمة - وهما من فقهاء الصحابة، وإن كانا من أصغرهم سناً - اختلفا فلم يكن لواحد منهما حجة على صاحبه؛ حتى أدلى ابن عباس بالسنة».

ثم قال (٤/ ٢٦٨): «وفي هذا الحديث دليل - والله أعلم - على أن ابن عباس قد كان عنده في غسل المحرم رأسه علم عن رسول الله ، أنبأه ذلك أبو أيوب أو غيره؛ لأنه كان يأخذ علم أصحاب رسول الله في السنن وغيرها عن جميعهم، ويختلف إليهم، ألا ترى إلى قول عبد الله بن حنين لأبي أيوب : أرسلني إليك ابن عباس أسألك: كيف كان رسول الله يغسل رأسه وهو محرم؟ ولم يقل: هل كان رسول الله يغسل رأسه وهو محرم؟ على حسب ما اختلفا فيه، فالظاهر - والله أعلم - أنه قد كان عنده من ذلك علم»، ثم ذكر اختلاف الناس في غسل المحرم رأسه. [وانظر أيضاً: الاستذكار (٤/٩)].

وقال نحوه في الاستذكار (٤/٩) إلى أن قال: «ويحمل حديث أبي أيوب عند مالك: أنه ربما كان رسول الله يغسل رأسه من الجنابة محرماً، فلا يكون عليه فيه حجة، وعند غيره يحمله على العموم والظاهر؛ لأنه لم يجر في الحديث لواحد منهم ذكر الجنابة، ومحال أن يختلف عالمان في غسل المحرم وغير المحرم رأسه من الجنابة.

وقال الثوري، وأبو حنيفة والشافعي، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور، وداود: لا بأس أن يغسل المحرم رأسه بالماء وهو محرم. وكان عمر بن الخطاب يغسل رأسه بالماء وهو محرم، ويقول: لا يزيده الماء إلا شعثاً. وروي في الرخصة في ذلك: عن ابن عباس وجابر، وعليه جماعة التابعين، وجمهور الفقهاء، وقد أجمعوا أن المحرم يغسل رأسه من الجنابة.

وأتباع مالك في كراهته للمحرم غسل رأسه بالماء قليل، … ».

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٤/ ٢٧١): «واختلفوا أيضاً في دخول المحرم الحمام؛ فكان مالك وأصحابه يكرهون ذلك، ويقولون من دخل الحمام فتدلك وأنقى الوسخ فعليه الفدية. وكان الثوري، والأوزاعي، والشافعي وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وداود بن علي، لا يرون بدخول المحرم الحمام بأساً.

وروي عن ابن عباس من وجه ثابت: أنه كان يدخل الحمام وهو محرم».

وقال في الاستذكار (٤/ ١٦٠): «لا خلاف بين العلماء في أن للمحرم أن يحك جسده، وأن يحك رأسه حكاً رقيقاً؛ لئلا يقتل قملة أو يقطع شعرة. وإنما قالت عائشة

<<  <  ج: ص:  >  >>