للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال في رواية أبي داود: حديث ابن عباس: أن رجلا وقصته ناقته وهو محرم، فيه خمس سنن: كفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، ولا تمسوه طيبا، واغسلوه بماء وسدر. أي: في الغسلات كلها، فقد أجاز غسل الميت بالسدر.

وقال أيضا في الحناء: ليس بطيب، ولا كفارة فيه. وبهذا قال الشافعي. وفيه رواية أخرى فيه الفدية. قال في رواية صالح: إذا غسل المحرم رأسه بالخطمي افتدى. وقال أيضا في رواية المروذي: لا يغسل رأسه بالخطمي، ولكن يصب على رأسه الماء صبا، ولا يدلكه. وروى عنه محمد بن أبي حرب، وقد سئل عن المحرم يغسل بدنه بالمحلب، فكرهه، وكره الأشنان. وبه قال أبو حنيفة.

وجه الرواية الأولى: ما روى عبد الله بن عباس: أن محرما خر من بعيره، فوقص فمات، فقال النبي : «اغسلوه بماء وسدر، ولا تقربوه طيبا». وذلك المحرم كان باقيا على إحرامه عندنا وعندهم، فثبت أن المحرم غير ممنوع من استعمال ذلك.

فإن قيل: حكم الإحرام بعد الموت أخف منه في حال الحياة، فلذلك جاز استعماله. قيل له: فيجب أن يجوز استعماله الطيب، وتغطية الرأس والوجه.

فإن قيل: الحاجة تدعو في الميت؛ لأنه لا ينقيه غيره، فجاز للحاجة، وهذا المعنى غير موجود في الحي؛ لأنه يزيل الدرن عنه بعد التحلل، فلا حاجة به إليه في الإحرام. قيل له: قد يقوم غيره مقامه في إزالة الدرن من الأشنان ونحوه، ولأن القصد من السدر والخطمي: القصد منه النظافة وإزالة الوسخ والدرن، فهو كالأشنان والماء، وذلك لا يوجب الفدية، ويفارق الدهن؛ لأن ذلك يقصد به الترجيل وإزالة الشعث.

واحتج المخالف بأن هذا يزيل التفث، ويقتل الدواب، فهو كالحلق. والجواب: أنا لا نسلم هذا؛ لأنا قد بينا: أن القصد منه إزالة الوسخ، فهو كالأشنان.

واحتج بأنه يعتاد استعماله في الشعر، وله رائحة مستلذة، كالدهن. والجواب: أن السفرجل والتفاح له رائحة مستلذة، ولا يوجب الفدية، وأما الدهن فيحمل به ترجيل الشعر، ولأنه طيب.

واحتج بأن الشعر تارة يستصلح ما يغسل به، وتارة بما يدهن به، فإذا وجبت الفدية بأحدهما، جاز أن تجب بالآخر. والجواب عنه: ما تقدم».

وقال في موضع آخر (١/ ٤٣٧): «وقال أيضا في رواية ابن منصور، وقد سئل عن المحرم يغسل رأسه قبل أن يحلقه؟ فقال: إذا رمى الجمرة فقد انتقض إحرامه، إن شاء غسله».

وقال في الروايتين والوجهين (١/ ٣٠٢): «واختلفت الرواية في المحرم، هل يجوز له قتل القمل؟ فنقل مهنا روايتين: قال في إحداهما: يقتل البرغوث، فقيل له: يقتل القملة؟ قال: لا. وقال في موضع آخر، وقد سئل يقتل القملة؟ قال: كل شيء من جسده فلا بأس بقتله إذا آذاه، وموضع الروايتين: إذا ألقاها مما بين الشعر من رأسه أو بدنه أو لحمه، فأما

<<  <  ج: ص:  >  >>