بمكة، قال أحمد:«حديث الحر بن صياح: حديث منكر، نافع أعلم بحديث ابن عمر منه» [مسائل ابن هانئ (٦٧٠)].
قلت: ظاهر كلام أحمد أنه عصب الجناية بالحر نفسه؛ لا بشريك القاضي، لأنه خالف أصحاب ابن عمر، وقد تقدم له معنا في اللقطة [في المجلد الثالث والعشرين، تحت الحديث رقم (١٧٠٨)] أثر عن ابن عمر خالف فيه أصحاب ابن عمر، مثل: نافع، وسالم، وعبد الله بن دينار، كذلك هنا فقد خالف الحرُّ: سالم بن عبد الله، وميمون بن مهران، وأبا مجلز، وابن البيلماني في جزاء القملة، فلم يرو أحد منهم عن ابن عمر أنه أوجب فيها شيئاً، بل قال:«ما نعلم القملة من الصيد»، للتأكيد أن لا فدية فيها، وقال:«أهون قتيل»، أي: لا شيء فيها، بل كان يتهكم بمن يسأله عن الكفارة فيها، فهو حديث شاذ، والله أعلم.
والحاصل: فإنه لا يثبت شيء في جزاء القملة عن أحد من الصحابة، والصحيح أنه لا فدية فيها، قال ابن حزم في الإعراب عن الحيرة والالتباس (٢/ ٧٤٣): «ومَوَّهُوا في قولهم: من قتل قملة أو جرادة أطعم شيئاً؛ برواية عن ابن عمر فيهما، وعن ابن عباس في الجرادة، لا متعلق لهم بغير بهذا، وقد صح عن ابن عمر وابن عباس: لا شيء على المحرم في قتل القملة».
وقال أبو بكر ابن المنذر في الإشراف (٣/ ٢٦٦): «لا شيء فيها، وليس مع من أوجب عليه في قتلها فدية: حجة».
٢ - عن جابر بن عبد الله:
• يرويه: يحيى بن سعيد القطان [ثقة حجة، إمام ناقد]، وعبد الوهاب بن عطاء [الخفاف: صدوق]:
عن ابن جريج، عن أبي الزبير؛ أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: ببطن أنامله، يقول في حك المحرم رأسه. لفظ يحيى [عند ابن أبي شيبة].
ولفظ عطاء [عند البيهقي]: عن جابر بن عبد الله، أنه قال في حك المحرم رأسه، قال: ببطن أنامله.
أخرجه ابن أبي شيبة (٨/ ٤٧١/ ١٥٦٢٢ - ط الشثري)، والبيهقي (٥/ ٦٤).
وهذا موقوف على جابر بإسناد صحيح.
٣ - عن عمر بن الخطاب:
يرويه: يحيى بن سعيد القطان، عن ابن جريج، عن أبي الزبير؛ أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: ببطن أنامله، يقول في حك المحرم رأسه. قال: وأخبرني من رأى عمر يحك حكاً.
أخرجه ابن أبي شيبة (٨/ ٤٧١/ ١٥٦٢٢ و ١٥٦٢٣ - ط الشثري).