له، وأكثر عنه جدا، فهو صالح في المتابعات، ولم أجد له متابعا، لا سيما وقد نسب ابن حزم لعطاء خلاف هذا القول، فقال في المحلى (٥/ ٢٧٩): «وعن عطاء، وإبراهيم النخعي، قالا: لا بأس بدخول المحرم الحمام»، والله أعلم.
والحاصل: فقد ثبت عن ابن عباس إباحة دخول المحرم الحمام من قوله وفعله، وهو حجة في ذلك؛ طالما كان آمنا من الوقوع في شيء من المحظورات المتعلقة بدخول الحمامات؛ ولأن ذلك موافق لأصول الشريعة فيما جاءت به من التنظف والطهارة، والإحرام لا يمنع من النظافة والطهارة وإزالة الوسخ عن البدن؛ فقد ثبت أن النبي ﷺ اغتسل وهو محرم لدخول مكة، كما ثبت أنه كان يغسل رأسه وهو محرم، كما ثبت أنه أمر عائشة بالاغتسال والامتشاط للإحرام بالحج وهي محرمة بالعمرة، وفي هذا دليل كاف على إباحة تنظف المحرم، وإزالة الوسخ عنه، والله أعلم.
قال الشافعي في الأم (٣/ ٣٦٣): «ولا أكره دخول الحمام للمحرم؛ لأنه غسل، والغسل مباح لمعنيين: للطهارة والتنظيف، وكذلك هو في الحمام، والله أعلم، ويدلك الوسخ عنه في حمام كان أو غيره، وليس في الوسخ نسك، ولا أمر نهي عنه، ولا أكره للمحرم أن يدخل رأسه في ماء سخن، ولا بارد جار، ولا ناقع»، ثم قال (٣/ ٣٦٤): «وأستحب الغسل عند تغير البدن بالعرق وغيره تنظيفا للبدن».
وقال ابن المنذر في الإشراف (٣/ ٢٦٤): «ثبت أن ابن عباس قال: يدخل المحرم الحمام.
وكان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والنعمان، وصاحباه لا يرون به بأسا. وقال مالك: من دخل الحمام فتدلك وأنقى الوسخ، فعليه الفدية.
قال أبو بكر: قول ابن عباس، وسائر أهل العلم أولى، ولا حجة لمن منع منه».
باب حك المحرم رأسه وجسده:
١ - عن ابن عمر:
رواه إسماعيل بن علية [ثقة ثبت]، وأبو شهاب [عبد ربه بن نافع الحناط: ثقة]: عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز، قال: رأيت ابن عمر يحك رأسه وهو محرم، فتفطنت، فإذا هو يحكه بأنامله. لفظ ابن علية [عند ابن أبي شيبة].
لفظ أبي شهاب [عند البيهقي]: قال: رأيت ابن عمر يحك رأسه وهو محرم، ففطنت له، فإذا هو يحك بأطراف أنامله.
أخرجه ابن أبي شيبة (٨/ ٤٧١/ ١٥٦٢٦ - ط الشثري)، والبيهقي (٥/ ٦٤). وعلقه البخاري في صحيحه قبل الحديث رقم (١٨٤٠)، قال: «ولم ير ابن عمر وعائشة بالحك بأسا».
وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.
وروى أسباط بن محمد [ثقة]، عن عمرو بن ميمون [عمرو بن ميمون بن مهران:
