للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فالمعروف في كتبه أنه مكروه، فالمذهب التفصيل. قال أبو الطيب وآخرون: ويكره للمحرمة الاكتحال بالإثمد أشد من كراهته للرجال؛ لأن ما يحصل من الزينة أكثر من الرجل، فإن اكتحل به رجل أو امرأة فلا فدية بلا خلاف، ثم احتج بحديث عثمان، وأثر شميسة عن عائشة عند البيهقي.

وقال ابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٥٤١ - ط عطاءات العلم): «وأما الزينة في البدن مثل الكحل والخضاب ونحوهما، فقال أحمد في رواية العباس بن محمد: ويكتحل بالإثمد المحرم ما لم يرد به الزينة، قلت: الرجال والنساء؟ قال: نعم. وقال في رواية إسحاق بن منصور: ولا تكتحل المرأة بالسواد إلا بالذرور. وقال في رواية محمد بن أبي حرب، وقد سئل عن الخضاب للمحرم؟ فقال: ليس بمنزلة الطيب، ولكنه زينة، وقد كره الزينة عطاء للمحرم. وقال في رواية الميموني: الحناء مثل الزينة، ومن يرخص في الريحان يرخص فيه. وقال في رواية حنبل، وسئل عن المحرم يخضب رجله بالحناء إذا تشققت؟ فقال: الحناء من الزينة، ومن يرخص في الريحان يرخص في الحناء.

قال أصحابنا: تكره الزينة للمحرم، وتمنع المحرمة من الزينة، ولا فدية في الزينة.

ويحتمل كلام أحمد أنه لا يكره الزينة؛ لأنه رخص في الحلي، ولم يجزم بالكراهة وإنما نقله عن عطاء؛ لأن الزينة من دواعي النكاح فكره للمحرم كالطيب، ولأن المعتدة لما منعت من النكاح منعت من الطيب والزينة، والمحرمة تشبهها في المنع من عقد النكاح، فكذلك في توابعه من الزينة والطيب بخلاف الصائمة والمعتكفة، فإنها لا تمنع من عقد النكاح وإنما تمنع من الوطء، ولأن زمان الإحرام يطول كزمان العدة، فالداعي إلى النكاح في المدة الطويلة وسيلة إليه في وقت النهي، بخلاف ما قصر زمانه، فإنه قد يستغنى بوقت الحل عن وقت الحظر.

وقال ابن أبي موسى: على المحرم أن يجتنب النساء والطيب والكحل المطيب، والدواء الذي فيه طيب رطبا كان أو يابسا.

ثم قال فيما للمرأة وما تمنع منه وليس لها أن تكتحل بما فيه طيب، وما لا طيب فيه.

ففرق في الكحل الساذج بين الرجل والمرأة، لكن المعتدة أشد من حيث تمنع من الخروج من منزلها، فكانت أشد من المحرمة، ولا فدية في الزينة؛ لأن المتزين لا يستمتع بذلك وإنما يستمتع به غيره منه، فأشبه ما لو طيب الميت، فإنه لا فدية عليه بذلك».

ثم قال (٤/ ٥٤٣ - ط عطاءات العلم): «فأما الكحل إذا كان فيه طيب فإنه لا يجوز إلا لضرورة»، فيكتحل به ويفتدي، وإن لم يكن فيه طيب ولم يكن فيه زينة فلا بأس به، وإن كان فيه زينة مثل الكحل الأسود ونحوه، كره له ذلك إذا قصد به الاكتحال للزينة لا للمنفعة والتداوي، ولا فدية فيه عند أصحابنا. وإن قصد به المنفعة وكانت به ضرورة إليه، مثل أن يخاف الرمد أو يكون أرمد أو نحو ذلك، ولم يقم غيره مقامه جاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>