للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الكحل بالإثمد في الإحرام مكروه للمرأة والرجل، وإنما خص المرأة بالذكر؛ لأنها محل الزينة، وهو في حقها أكثر من الرجل، ويروى هذا عن عطاء، والحسن، ومجاهد، قال مجاهد: هو زينة، وروي عن ابن عمر أنه قال: يكتحل المحرم بكل كحل ليس فيه طيب. قال مالك: لا بأس أن يكتحل المحرم من حر يجده في عينيه بالإثمد وغيره. وروي عن أحمد، أنه قال: يكتحل المحرم، ما لم يرد به الزينة، قيل له: الرجال والنساء؟ قال: نعم.

والدليل على كراهته ما روي عن جابر؛ أن عليا قدم من اليمن، فوجد فاطمة ممن حل، فلبست ثيابا صبيغا، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: أبي أمرني بهذا، فقال النبي : «صدقت، صدقت». رواه مسلم وغيره. وهذا يدل على أنها كانت ممنوعة من ذلك.

وروي عن عائشة أنها قالت لامرأة: اكتحلي بأي كحل شئت، غير الإثمد أو الأسود.

إذا ثبت هذا فإن الكحل بالإثمد مكروه، ولا فدية فيه، ولا أعلم فيه خلافا، وروت شميسة، عن عائشة، قالت: اشتكيت عيني وأنا محرمة، فسألت عائشة، فقالت: اكتحلي بأي كحل شئت غير الإثمد، أما إنه ليس بحرام، ولكنه زينة، فنحن نكرهه.

قال الشافعي: «إن فعلا فلا أعلم عليهما فيه فدية بشيء».

ثم قال ابن قدامة: «فصل: فأما الكحل بغير الإثمد فلا كراهة فيه، ما لم يكن فيه طيب؛ لما ذكرنا من حديث عائشة، وقول ابن عمر.

وقد روى مسلم، عن نبيه بن وهب، قال: خرجنا مع أبان بن عثمان، حتى إذا كنا بملل، اشتكى عمر بن عبيد الله عينيه، فأرسل إلى أبان بن عثمان ليسأله، فأرسل إليه: أن اضمدها بالصبر، فإن عثمان حدث عن رسول الله في الرجل إذا اشتكى عينيه وهو محرم، ضمدها بالصبر. ففي هذا دليل على إباحة ما في معناه، مما ليس فيه زينة ولا طيب. وكان إبراهيم لا يرى بالذرور الأحمر بأسا».

وقال النووي في المجموع (٧/ ٣٥٣): «يحرم الاكتحال بكحل فيه طيب» - كما سبق في فصل الطيب - فإن احتاج إليه لدواء جاز، وعليه الفدية.

وأما الاكتحال بما لا طيب فيه؛ فقد سبق في آخر فصل تحريم الطيب أنه لا يحرم، وللشافعي في كراهته نصان؛ فقيل: قولان، وقيل: على حالين، وهو الأصح؛ فإن كان فيه زينة كالإثمد ونحوه كره إلا لحاجة كرمد ونحوه، وإن لم يكن فيه زينة كالتوتيا لم يكره. وبهذا التفصيل: قطع الشيخ أبو حامد، والماوردي، والقاضي أبو الطيب، والجمهور، وعليه يحمل كلام المصنف. قال أبو علي البندنيجي: إن كان مما لا يحسن العين كالتوتيا فلا كراهة، وإن كان يحسنها كالإثمد؛ فقد نقل المزني أنه لا بأس به، ونص في الإملاء أنه يكره، وهو ظاهر نصه في الأم. قال: فإن صح نقل المزني فالمسألة على قولين، وإلا

<<  <  ج: ص:  >  >>