وقال الماوردي في الحاوي (٤/ ١٢١): «مسألة: قال الشافعي ﵁: ولا بأس بالكحل، ما لم يكن فيه طيب، فإن كان فيه طيب افتدى.
أما الكحل فضربان: أحدهما: أن يكون فيه طيب، فلا يجوز للمحرم الاكتحال به؛ لأجل طيبه، فإن اكتحل به افتدى.
والضرب الثاني: أن لا يكون فيه طيب، فإن لم يكن فيه زينة كالتوتيا والأنزروت، كان للمحرم الاكتحال به إجماعا، وإن كان فيه زينة وتحسين، كالصبر والإثمد، فمذهب الشافعي وأكثر الفقهاء: أن المحرم غير ممنوع منه، وإن كان تركه أفضل له، وخاصة المرأة، إلا أن يكون لحاجة، وليس بمكروه على كل حال.
وحكي عن عطاء ومجاهد: أن المحرم ممنوع منه؛ لأن الإحرام عبادة تمنع من الطيب، فوجب أن يمنع من الكحل، كالعدة.
والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه: ما روي عن عمر بن عبيد الله بن معمر، قال: اشتكيت عيني وأنا محرم، فسألت أبان بن عثمان، فقال: اضمدهما بالصبر، فإني سمعت عثمان ﵁ يخبر عن رسول الله ﷺ بذلك، وروي أن ابن عمر رمدت عينه وهو محرم، فأمر أن يقطر الصبر في عينه إقطارا، ولأن الكحل إما أن يكون زينة أو دواء، والمحرم غير ممنوع منهما، فأما ما ذكروه من العدة فإنما منعت من الكحل؛ لأنها تمنع من الزينة، والإحرام لا يمنع منها». [وقد بسط أبو المحاسن الروياني في بحر المذهب (٣/ ٤٥٩)، كلام الماوردي وشرحه] [وانظر: حلية العلماء لأبي بكر الشاشي (٣/ ٣٠٥). شرح السنة للبغوي (٧/ ٢٤٦). البيان للعمراني (٤/ ٢٠٥). الشافي شرح مسند الشافعي (٣/ ٣٤٦). شرح مسند الشافعي للرافعي (٢/ ٢٨٠)، ونقل عن الشافعي في الإملاء: كراهة الاكتحال من غير رمد، مثل قول أحمد].
وقال ابن قدامة في المغني (٥/ ١٥٦): «مسألة»: قال: ولا تكتحل بكحل أسود: