قال عبد الله: سمعت أبي يقول: ويغسل المحرم ثيابه، ويدخل الحمام، ويتداوى بالأكحال كلها ما لم يكن كحل فيه طيب.
وأما إن قام غيره مقامه، أو لم يكن ضرورة ولكن فيه منفعة، جاز على ما ذكره في رواية العباس بن محمد، لأنه قال: يكتحل المحرم بالإثمد ما لم يرد به الزينة، الرجال والنساء. وكذلك على رواية عبد الله جوز له التداوي بكل كحل لا طيب فيه، ولم يفصل بين أن يقوم غيره مقامه أو لا يقوم.
وأما على رواية ابن منصور: لا تكتحل المرأة بالسواد إلا بالذرور. فيكره إذا كان فيه زينة، وإن لم يقصد به الزينة إذا لم تدع إليه ضرورة. وقد خص المرأة بالذكر.
وذلك «لما روى نبيه بن وهب … » فساق حديث عثمان، ثم قال: «فقد رخص له بالتضميد بالصبر مع الشكاة، فعلم أنه لا يكتحل بما فيه زينة أو طيب إذا وجد عنه مندوحة، وإن لم يقصد التزين …
وعن عطاء قال: تكتحل المحرمة بكل كحل إلا كحلا فيه طيب أو سواد، فإنه زينة. وعن مجاهد قال: لا تكتحل المحرمة بالإثمد، قيل له: ليس فيه طيب، قال: لا، فإنه زينة. وعن إبراهيم قال: لا بأس أن تكتحل المحرمة بالكحل الأحمر والذرور. وعن سعيد بن المسيب قال: يكتحل المحرم بالصبر. رواهن أحمد.
ووجه الأول: ما روى نافع عن ابن عمر أنه اشتكى فأقطر الصبر في عينه وهو محرم.
وعنه قال: يكتحل المحرم بأي كحل شاء ما لم يكن كحل فيه طيب. رواهما أحمد.
وفي رواية: أنه كان إذا رمد وهو محرم أقطر في عينه الصبر إقطارا، وأنه قال: يكتحل المحرم بأي كحل إذا رمد ما لم يكتحل بطيب ومن غير رمد. رواه الشافعي.
فأما الطيب فلا يجوز إلا لضرورة، وعليه يحمل ما روى أحمد عن ابن عباس أنه اكتحل بكحل فيه طيب وهو محرم. وعليه الفدية».
وانظر أيضا: كشف المشكل (١/ ١٧٣). تلبيس إبليس (٢٥٥). إكمال المعلم (٤/ ٢١٨). الإفصاح لابن هبيرة (١/ ٢٣٩). شرح مسلم للنووي (٨/ ١٢٤). الإيضاح (١٥٨). الفروع لابن مفلح (٥/ ٥٢٥). شرح مختصر الخرقي للزركشي (٣/ ١٤١).
هـ وقد سبق أن أوردت الآثار الواردة في التداوي، وذكرت فقه المسألة، في المجلد السابع والعشرين، في باب عقدته زائدا على أبواب أبي داود، في مسائل شتى، فيما يجتنبه المحرم أو يحل له، وذلك بعد الحديث رقم (١٨٣٠).