قال عبد الملك: وذلك أن كحل الإثمد من الزينة، ولا تجوز الزينة للمحرم والمحرمة، لأن المحرم أشعث أغبر تفل ضاح.
قال عبد الملك: فإن اكتحل بالإثمد محرم أو محرمة للزينة فعليهما الكفارة كان فيه طيب أو لم يكن، وكفارتهما أن ينسكا نسكا؛ والنسك ذبح شاة يتصدق بها.
«وكذلك بلغني عن ربيعة وعطاء، إلا أن عطاء كان يخففه للرجال والنساء، وإن اكتحلا به لغير زينة لحرارة الحر وما أشبهه فلا كفارة عليهما إن لم يكن فيه طيب؛ لأنه يصير عند ذلك دواء يتداوى به كغيره من كحل العقاقير، فقد أجيز للمحرم والمحرمة الاكتحال به إذا اضطر إليه.
وقد كان ابن عمر يقطر في عينيه الصبر وهو محرم. وقال ابن عمر: إذا رمد المحرم أو أصابه وجع في شيء من جسده؛ فلا بأس أن يتداوى بأي كحل شاء، وبأي دواء أراد ما لم يكن فيه طيب؛ وإن اكتحل أو تداوى بشيء فيه طيب فعليه نسك، يعني ذبح شاة يتصدق بها. أخبرني بذلك مطرف عن العمري عن نافع، عن ابن عمر».
• وقال الشافعي في الأم (٣/ ٣٧٥): «إن اختضبت المحرمة ولفت على يديها؛ رأيت أن تفتدي، وأما لو مسحت يديها بالحناء؛ فإني لا أرى عليها فدية وأكرهه؛ لأنه ابتداء زينة.
أخبرنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج، أن ناسا سألوه عن الكحل الإثمد للمرأة المحرمة الذي ليس فيه طيب؟ قال: أكرهه؛ لأنه زينة، وإنما هي أيام تخشع وعبادة.
قال الشافعي والكحل في المرأة أشد منه في الرجل، فإن فعلا فلا أعلم على واحد منهما فدية، ولكن إن كان فيه طيب؛ فأيهما اكتحل به افتدى.
أخبرنا سعيد، عن ابن جريج، عن أيوب بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر، أنه إذا رمد وهو محرم أقطر في عينيه الصبر إقطارا، وأنه قال: يكتحل المحرم بأي كحل إذا رمد، ما لم يكتحل بطيب، ومن غير رمد، ابن عمر القائل».
• قلت: ثبت عن عائشة أنها أباحت للمحرمة لبس المصبوغ من الثياب بغير الطيب حال الإحرام، وكذلك أباحت لها أن تلبس ذهبها وحليها، ولم توجب عليها فدية في ذلك.
• فمن ذلك ما رواه يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة؛ أنها كانت تلبس المعصفر وهي محرمة. [وهو موقوف على عائشة بإسناد صحيح].
• وما رواه يحيى بن سعيد عن القاسم؛ أن عائشة كانت تلبس الثياب المعصفرة وهي محرمة. وفي رواية: أن عائشة كانت تلبس الثياب الموردة بالعصفر وهي محرمة. [وهو موقوف على عائشة بإسناد صحيح].
• وما رواه سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، قال: سمعت القاسم بن محمد، يحدث أن عائشة كانت تلبس الأحمرين المذهب والمعصفر وهي محرمة. [وهو موقوف على عائشة بإسناد صحيح].