قلت: وهذا مقطوع على ابن جريج قوله بإسناد جيد، ولا يصح فيه ذكر عطاء، لأنه لم يثبت ذكره في الأم، ولا فيمن نقل عنه، فهذا أبو المحاسن الروياني يقول في بحر المذهب (٣/ ٤٥٩): وقال الشافعي في الأم: أخبرنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج: أن إنسانا سأله عن كحل الإثمد للمرأة المحرمة؟ فقال: «أكرهه لأنه زينة، وإنما هي أيام تخشع وعبادة».
وأما عطاء فقد سبق نقل قوله، فيما رواه هشام بن الغاز، عن عطاء، قال: إذا اشتكى المحرم عينيه فليكحلهما بالصبر والحضض، ولا يكتحل بكحل فيه طيب.
• وروي عن الأسود بن يزيد، ولم أقف له على إسناد [انظر: المجموع المغيث (١/ ١٤٦). النهاية (١/ ١١٥)].
• وأما ما علقه بغير إسناد: الزمخشري في الفائق (٢/ ٨٩)، والقاضي عياض في إكمال المعلم (٧/ ١٩٤)، وابن الجوزي في الغريب (١/ ٤١٩)، وأبو السعادات ابن الأثير في النهاية (٢/ ٢٧٥)، وتبعهم على ذلك جماعة آخرون: أنه نهى أن يكتحل المحرم بالإثمد المروح. يعني: المطيب بالمسك؛ فلم أقف له على إسناد، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
هـ ولعله شبه عليهم؛ إذ لم يكونوا من أهل الصنعة:
بما رواه أبو نعيم الفضل بن دكين [ثقة ثبت]، وأبو أحمد الزبيري [ثقة ثبت]، والمعلى بن منصور [ثقة فقيه]، وعلي بن ثابت [الجزري: صدوق]، وعبد العزيز بن أبان ا [لأموي السعيدي: متروك، كذبه ابن نمير وابن معين، وقال: «كذاب خبيث، يضع الحديث». التهذيب (٢/ ٥٨١)]:
عن عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة، عن أبيه، عن جده، عن النبي ﷺ أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم، وقال: «ليتقه الصائم». لفظ علي بن ثابت [عند أبي داود].
وفي رواية له [عند الطبري] كان يأمرنا بالإثمد بالليل، وفي أخرى قال رسول الله ﷺ: «عليكم بالإثمد المروح عند النوم»، وفي أخرى [عند ابن قانع]: «عليكم بالإثمد المروح عند النوم، وليتقه الصائم».
ولفظ أبي نعيم [عند الدارمي]: وكان جدي قد أتي به النبي ﷺ فمسح على رأسه، وقال: «لا تكتحل بالنهار وأنت صائم، اكتحل ليلا بالإثمد، فإنه يجلو البصر وينبت الشعر».
ولفظ أبي أحمد الزبيري [عند أحمد]: «اكتحلوا بالإثمد المروح، فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر».
ولفظ المعلى [عند ابن قانع] سئل رسول الله ﷺ عن الكحل للصائم بالنهار؟ فكرهه، وقال: «الإثمد المروح - يعني: المسك - اكتحلوا به، فإنه يجلو البصر».