للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بينما حديث تضميد العينين بالصبر للمحرم إنما اشتهر من حديث أيوب بن موسى، ومن حديث ابن عيينة عن أيوب بن موسى، ولم يشتهر لا من حديث نافع، ولا من حديث أيوب السختياني، ولا من حديث ابن علية، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى حاجة الناس إلى النكاح في كل وقت، لاسيما مع تجدد الأحوال، والتقاء الناس والقبائل من كل حدب وصوب وتعارفهم، مما يشجع لتقوية صلاتهم بالنكاح، وغير ذلك من الأسباب الداعية إلى وجود عقد النكاح، وهي كثيرة، وذلك بخلاف من يشتكي عينيه في الحج، فهو قليل، فلا تنشط النفوس إلى تداوله ونقله بمثل ما تنشط لنقل ورواية النهي عن نكاح المحرم، ولعله لهذا السبب اشتهر حديث النهي عن نكاح المحرم، بخلاف حديث تضميد العينين بالصبر، وكلاهما حديث صحيح ثابت، ولعل هذا يفسر احتمال أبي داود لحديث ابن علية مع غرابته، واحتمال أحمد لحديث معمر مع غرابته، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

وفي الباب:

هـ حديث جابر بن عبد الله:

• يرويه: وهيب بن خالد، وحاتم بن إسماعيل، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي:

عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر … وذكر حديث الحج بطوله، وفيه: وقدم علي من اليمن ببدن النبي ، فوجد فاطمة ممن حل، ولبست ثيابا صبيغا، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا، قال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله محرشا على فاطمة للذي صنعت مستفتيا لرسول الله فيما ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها، فقال: «صدقت، صدقت، ماذا قلت حين فرضت الحج؟»، قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك، … وذكر الحديث بطوله.

أخرجه مسلم (١٢١٨)، وأبو داود (١٩٠٥)، والنسائي في المجتبى (٥/ ١٤٣) (٢٧١٢)، وفي الكبرى (٤/٣٨/٣٦٧٨)، وابن ماجه (٣٠٧٤). [ويأتي تخريجه مفصلا في موضعه من السنن إن شاء الله تعالى، وقد اقتصرت منه على موضع الشاهد].

وهذا لا إشكال فيه؛ لكونها اكتحلت وهي حلال، لم تكن متلبسة بالإحرام، فإن النبي لما سئل عن تحلل المتمتع من العمرة: أي الحل؟ قال: «الحل كله»، ولكن الشأن في اكتحال المحرم، وقد دل بمفهومه أن الكحل لم يكن مباحا لها حال الإحرام، بدليل إنكار علي عليها، وقولها له: إن أبي أمرني بهذا.

قال ابن قدامة في المغني (٥/ ١٥٦) بعد إيراد هذا الحديث: «وهذا يدل على أنها كانت ممنوعة من ذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>