قلت لأحمد: الحجام إذا حجم في رمضان أيقضي يوما مكانه؟ قال: نعم.
سمعت أحمد، ناظره رجل في الحجامة للصائم؛ فقال الرجل لأحمد: ثابت عن أنس: كره الحجامة للصائم مخافة الضعف؟ قال أحمد: روي عن أنس: أنه احتجم في السراج، وابن عمر احتجم بالليل، وأبو موسى - يعني: الأشعري -؛ احتج بهذا في ترك الحجامة، ولم يحتج فيه بشيء يروي عن النبي ﷺ.
سمعت أحمد، قال: يشنع أصحاب الرأي قول عطاء: إذا احتجم ناسيا فليس عليه شيء، وهم يقولون مثله؛ يقولون: إن تقيأ متعمدا عليه القضاء، وإن كان ناسيا ليس عليه شيء، فهذا لم يدخل في جسده شيء؛ «إنما أخرج من جسده كما أخرج هذا».
وقال ابن هانئ في مسائله لأحمد (٦٤٣ - ٦٤٩): «سألت أبا عبد الله عن رجل احتجم شهر رمضان؟ قال: يصوم يوما مكانه … »
وسئل عن الذي يحتجم في رمضان؟ قال: لا يعجبني، يقضي يوما مكانه.
قيل له: فأي حديث أقوى عندك في الحجامة؟ قال: حديث ثوبان.
قيل له: يحتجم الصائم؟ قال: لا يحتجم. قيل: فإن احتجم؟ قال: عليه قضاء يوم مكانه.
فقيل له: عليه كفارة مع القضاء؟ قال: لا أرى عليه الكفارة … ... .
وقال أبو داود في مسائله لأحمد (٦٩٢) في بعض ما يباح للمحرم وما يمنع منه: «ويحتجم، ولا يحلق شعرا».
وقال عباس الدوري: سألت أحمد بن حنبل: ما تقول فيمن احتجم وهو صائم؟ قال: أرى أن يصوم يوما مكانه [طبقات الحنابلة (١/ ٢٣٨)].
* وقال الترمذي عقب الحديث رقم (٨٣٩): «وقد رخص قوم من أهل العلم في الحجامة للمحرم، قالوا: لا يحلق شعرا. وقال مالك: لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة.
وقال سفيان الثوري، والشافعي: لا بأس أن يحتجم المحرم، ولا ينزع شعرا».
وقال الترمذي عقب الحديث (٧٧٧): «وقد ذهب بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم إلى هذا الحديث، ولم يروا بالحجامة للصائم بأسا، وهو قول سفيان الثوري، ومالك بن أنس، والشافعي». * ويمكن الجمع بين حديث: «أفطر الحاجم والمحجوم»، وحديث: احتجم وهو صائم، بما ذهب إليه ابن خزيمة، حيث قال في صحيحه (٣/ ٢٢٧) - بعد أن ساق حديث: «أفطر الحاجم والمحجوم» -: «فقد ثبت الخبر عن النبي» ﷺ أنه قال: «أفطر الحاجم والمحجوم»، فقال بعض من خالفنا في هذه المسألة: إن الحجامة لا تفطر الصائم، واحتج بأن النبي ﷺ احتجم وهو صائم محرم، وهذا الخبر غير دال على أن الحجامة لا تفطر الصائم؛ لأن النبي ﷺ إنما احتجم وهو صائم في سفر لا في حضر؛ لأنه لم يكن قط محرما مقيما ببلده، إنما كان محرما وهو مسافر، والمسافر - وإن كان ناويا للصوم - قد