لكنه يدل على أن المغيرة دلسه عن أبي الضحى، ولم يسمعه منه، ومغيرة معروف بالتدليس، لكن يضره الإرسال؛ فإن المرسل ليس بحجة.
هـ وبهذا يكون قد اتفق اثنان من الثقات الحفاظ الأثبات على إرساله عن أبي عوانة، هما: عبد الرحمن بن مهدي، ومسدد، وإن كان وقع في رواية مسدد تقصير في الإسناد حين سقط شباك من الإسناد، وهو محمول على تحديث مغيرة به مدلسا.
• وممن تابع أبا عوانة على هذا الوجه الأخير مما يدل على أنه المحفوظ عن أبي عوانة:
• الحسن بن صالح بن حي [ثقة متقن]، وجرير بن عبد الحميد [ثقة]:
فروياه عن مغيرة، عن شباك، عن أبي الضحى، عن مسروق؛ أن النبي ﷺ تزوج وهو محرم. لفظ حسن [عند ابن أبي شيبة].
أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ١٣٤٢٠/ ٤٨٣ - ط الشثري)، وعلقه البيهقي (٧/ ٢١٢) (١٤/ ٤١٥ - ط هجر).
وبهذا يتبين أن هذا الوجه هو المحفوظ عن مغيرة: رواه عنه به ثلاثة مرسلا؛ بزيادة شباك في الإسناد: أبو عوانة، والحسن بن صالح، وجرير.
فهو مرسل بإسناد صحيح، والمرسل ليس بحجة، ولا يثبت وصل هذا الحديث عن عائشة، والله أعلم.
هـ سئل الدارقطني في العلل (١٥/ ٣٨٩٨/ ١٣٩)، عن حديث مسروق، عن عائشة، عن النبي ﷺ؛ أنه تزوج إحدى نسائه وهو محرم، واحتجم وهو محرم؟ فقال: «يرويه أبو عوانة»، واختلف عنه؛
فرواه معلى بن أسد، وإبراهيم بن الحجاج، عن أبي عوانة، عن مغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة.
وقال يحيى بن حماد [قلت: وهو ثقة، ختن أبي عوانة، ومن أروى الناس عنه]: عن أبي عوانة، قال مرة: عن مسروق، ثم رجع عنه.
وقال خالد السمتي: عن أبي عوانة، عن مغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق، مرسلا، عن النبي ﷺ، وهو أشبهها بالصواب.
قلت: قد رواه مسدد في مسنده عن أبي عوانة مرسلا، كما أخرجه النسائي من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن أبي عوانة مرسلا بزيادة شباك، ثم يفوت ذلك الدارقطني، ولا يذكر سوى رواية خالد بن يوسف السمتي، على ضعفه، ولم أجد من أخرجها من طريقه، وهذا قصور شديد من الدارقطني أن تفوته رواية أخرجها مسدد في مسنده، ثم رواية أخرى أخرجها النسائي في سننه، وأين خالد السمتي من هذين الحافظين الثبتين الكبيرين؛ ابن مهدي ومسدد؟! وليس ذلك فحسب؛ بل فاته أيضا: ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه من طريق الحسن بن صالح، عن مغيرة، عن شباك، عن أبي الضحى، عن مسروق مرسلا!
