للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثقة! فيا عجبا من قلب الموازين! لأجل نصرة المذهب! [كما لا يفوتني التنبيه على كون الدارقطني قد أعل حديثين لعبد الله بن المثنى عن عمه ثمامة عن أنس، وانتقد على البخاري إخراجه لهما، وأتى بدعوى باردة باهتة لا قيمة لها، وقد رددت دعواه في الموضع المشار إليه من فضل الرحيم الودود (١٩/ ٢٩٦/ ١٥٦٧)، كما رددت عليه في كتابي: صيانة الصحيحين عن التتبع (١١٠ و ١١١)].

• قلت: وأما هذا الحديث: فقد خالف فيه عبد الله بن المثنى: سليمان بن المغيرة، فيما رواه عن ثابت، عن أنس ، قال: ما كنا ندع الحجامة للصائم إلا كراهية الجهد. هكذا موقوفا على أنس، وهو حديث صحيح على شرط مسلم.

وكذلك: خالف حميدا الطويل، قال: سأل ثابت البناني أنس بن مالك: هل كنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف. [وهو حديث صحيح، وتقدم]. • وقد اشتهر حديث سليمان بن المغيرة، كما اشتهر حديث حميد الطويل، بينما لم يشتهر حديث عبد الله بن المثنى، فتفرد به عنه: خالد بن مخلد القطواني، وله غرائب ومناكير، وهذا منها، ثم تفرد به عن خالد: عثمان بن أبي شيبة، وقد حفظت عليه أوهام وأغلاطا؛ فهو حديث منكر، لذا قال الذهبي: «في خالد وعبد الله مقال، وإذا انفرد خالد بشيء عد منكرا».

• كذلك فإن حديث عبد الله بن المثنى: لم يعرف عند أصحاب المصنفات المشهورة قبل الدارقطني، كالصحاح، والسنن، والمسانيد، والمصنفات، والمعاجم، والأجزاء، والفوائد، وغيرها من دواوين الإسلام.

فكان أول من أخرجه من المصنفين: الدارقطني في سننه، وابن شاهين في الناسخ، وأبو القاسم ابن بشران في أماليه، والبيهقي في سننه، ثم تبعهم جماعة من متأخري المصنفين، مثل: ابن العربي، وابن بشكوال، والحازمي، وابن الجوزي، والضياء.

وأما حديث سليمان بن المغيرة: فأخرجه أبو داود في السنن، والطحاوي، وأبو بكر الجصاص، وابن عبد البر.

وأما حديث حميد: فأخرجه أبو القاسم البغوي، والطحاوي، وابن منده، والبيهقي، وغيرهم.

وأخرج حديث حميد عن أنس موقوفا، بدون ذكر ثابت فيه: ابن خزيمة، وأحمد، وابن وهب في الجامع، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعلي بن حجر السعدي، وأبو مسلم الكجي، وعبد الله بن أحمد، وأبو العباس السراج، والطحاوي، وأبو علي الرفاء، والطبراني، وابن السني، وأبو طاهر المخلص، وأبو نعيم في الطب، وغيرهم.

وأردت بذلك بيان اشتهار حديث سليمان بن المغيرة وحميد الطويل في المصنفات والدواوين عالية الأسانيد، ومنها الكتب الستة ومسند أحمد، بينما لم يعرف حديث عبد الله بن المثنى إلا في القرن الرابع، مما يدل على أنه لم يكن موجودا قبل ذلك، أو كان الناس يعرفون بأنه حديث غلط؛ فأعرضوا عنه، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>