وقال ابن خزيمة:«وقد روي عن المعتمر بن سليمان، عن حميد، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد: رَخَّص النبي ﷺ في القبلة للصائم، والحجامة للصائم. حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي: ثنا المعتمر، وهذه اللفظة: والحجامة للصائم؛ إنما هو من قول أبي سعيد الخدري؛ لا عن النبي ﷺ، أدرج في الخبر، لعل المعتمر حدث بهذا حفظاً، فأدرج هذه الكلمة في خبر النبي ﷺ، أو قال: قال أبو سعيد: ورَخَّص في الحجامة للصائم، فلم يضبط عنه: قال أبو سعيد، فأدرج هذا القول في الخبر.
حدثنا بهذا الخبر: محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، وبشر بن معاذ، قالا: ثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت حميداً، يحدث عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري؛ أن رسول الله ﷺ رخص في القبلة للصائم. قال أبو بكر: لم يذكر مزيداً على هذا. قلت للصنعاني: والحجامة؟ فغضب، فأنكر أن يكون في الخبر ذكر الحجامة، والدليل على أنه ليس في الخبر عن النبي ﷺ ذكر الحجامة: … ». فساق حديث الأشجعي عن سفيان الثوري، ثم قال:«فهذا الخبر: رخص للصائم في الحجامة والقبلة، دال على أنه ليس فيه: ذكر النبي ﷺ».
ثم ساق حديث: حميد الطويل، والضحاك بن عثمان، وقتادة، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: إنما كرهت الحجامة للصائم مخافة الضعف.
ثم قال أبو بكر:«فخبر قتادة، وخبر أبي بحر، عن حميد، والضحاك بن عثمان: دالان على أن أبا سعيد لم يحك عن النبي ﷺ الرخصة في الحجامة للصائم، إذ غير جائز أن يروي أبو سعيد أن النبي ﷺ رخص في الحجامة للصائم، ويقول: كانوا يكرهون ذلك مخافة الضعف، إذ ما قد أباحه الله إباحة مطلقاً لا استثناء ولا شريطة فمباح لجميع الخلق، غير جائز أن يقال: أباح النبي ﷺ الحجامة للصائم، وهو مكروه مخافة الضعف، ولم يستثن النبي ﷺ في إباحتها من يأمن الضعف دون من يخافه، فإن صح عن أبي سعيد أن النبي ﷺ رخص في الحجامة للصائم، كان مؤدَّى هذا القول: أن أبا سعيد قال: كره للصائم ما رخص النبي ﷺ له فيها، وغير جائز أن يتأول هذا على أصحاب رسول الله ﷺ أن يرووا عن النبي ﷺ رخصة في الشيء ويكرهونه».
وقال ابن أبي حاتم في العلل (٣/٣٨/٦٧٦): «وسألت أبي عن حديث: رواه معتمر بن سليمان، عن حميد الطويل، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد؛ أن النبي ﷺ كان يرخص في الحجامة والمباشرة للصائم؟ فقالا: هذا خطأ؛ إنما هو عن أبي سعيد، قوله.
رواه قتادة، وجماعة من الحفاظ، عن حميد، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد، قوله.
قلت: إن إسحاق الأزرق رواه عن الثوري، عن حميد، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ؟ قالا: وهم إسحاق في الحديث. قلت: قد تابعه معتمر؟ قالا: وهم فيه أيضاً معتمر».