الحديث، والرحلة فيه، لقلة مشايخه، وأنه لم يرو عنه كبير أحد، ولم يحضره شيئاً من حديثه ليذكره، فلا يبعد أن يكون حمل هذا الحديث عن شيخه بعد اختلاطه، والله أعلم.
ح - وروى عيسى بن المختار [كوفي، ثقة، سمع مصنف ابن أبي ليلى منه]، وعمرو بن أبي قيس [الرازي: ليس به بأس]:
عن محمد بن أبي ليلى، عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن ابن عباس ﵄؛ أن النبي ﷺ احتجم وهو صائم بالقاحة، فنزف حتى غُشي عليه [وفي مطبوعة المسند: حتى خُشي عليه]. لفظ عيسى [عند البزار].
ولفظ عمرو [عند ابن عدي]: أن رسول الله ﷺ احتجم وهو صائم.
أخرجه البزار (١١/ ٣٩٧ و ٣٩٨/ ٥٢٣٥ و ٥٢٣٦)، وابن عدي في الكامل (٣/ ٥٥٩).
قال البزار: «وهذا الحديث قد روي عن ابن عباس من وجوه: أن النبي ﷺ احتجم وهو صائم، ولم يذكروا في أحاديثهم التي عن ابن عباس: فنزف حتى خُشي عليه» [كذا بالخاء، والصواب: بالغين، غُشي عليه].
قلت: وهذا حديث منكر بهذا السياق، أنه نزف حتى غُشي عليه، وقد أنكره البزار كما ترى، ولا يثبت هذا من حديث ابن عباس؛ تفرد به: داود بن علي بن عبد الله بن عباس، وهو ليس بالقوي، وقد سئل ابن معين: كيف حديثه؟ قال: «أرجو أنه ليس
يكذب»، وهذا جرح شديد [التهذيب (١/ ٥٦٧) (٤/ ١٧١ - ط دار البر). الميزان (٢/١٤). كشف الأستار (٢٠١٩). الكامل لابن عدي (٣/ ٥٥٣)].
• قال ابن قدامة في المغني (٤/ ٣٥١): «روى ابن عباس، أنه قال: احتجم رسول الله ﷺ بالقاحة بقرن وناب، وهو محرم صائم، فوجد لذلك ضعفاً شديداً، فنهى رسول الله ﷺ أن يحتجم الصائم. رواه أبو إسحاق الجوزجاني في المترجم»، ولم أقف له على إسناد.
• ورواه أيضاً: أبو الربيع الزهراني [سليمان بن داود: ثقة ثبت]: حدثنا حفص بن أبي داود، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال: احتجم رسول الله ﷺ وهو صائم محرم؛ فغُشِيَ عليه، فنهى الناس يومئذ أن يحتجم الصائم؛ كراهية الضعف عليه.
أخرجه أبو يعلى (٤/ ٣٣٥/ ٢٤٤٩)، والطبراني في الكبير (١١/ ١٤٨/ ١١٣٢٠). [المسند المصنف (١٢/ ٦٤/ ٥٧٢١)].
قلت: وهذا حديث منكر؛ حفص بن أبي داود، هو: حفص بن سليمان القارئ، وهو: متروك الحديث.
قال البوصيري في إتحاف الخيرة (٣/ ١١٠): «رواه أبو يعلى الموصلي بسند ضعيف؛ لضعف محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، لكن لم ينفرد به، فقد رواه أحمد بن حنبل من طريق الحكم عن مقسم عنه»؛ قلت: الثابت عن شعبة، وحجاج بن أرطاة، وابن أبي ليلى؛ بدون هذه الزيادة في الغشي، وكراهية الحجامة للصائم.