للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأيضاً: فليس في المنع منه كتاب ولا سنة ولا إجماع، فوجب أن يبقى على أصل الإباحة.

وأيضاً: فإنه يجوز له الاستظلال بالخيمة والسقف والشجر وغير ذلك، وهذا في معناه، ولا يقال: هذه الأشياء المقصود بها جمع المتاع، فإنه لو دخل البيت لقصد الاستظلال، أو نصب له خيمة لمجرد الاستظلال، جاز بلا تردد.

وقد احتجوا على ذلك: بما روت أم الحصين قالت: حججنا مع رسول الله حجة الوداع، فرأيت أسامة، وبلالاً، وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي ، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر، حتى رمى جمرة العقبة. رواه مسلم وأبو داود والنسائي، وعنده أن الآخذ بالخطام بلال، والمظلل بالثوب أسامة.

وفي رواية لأحمد: حججنا مع رسول الله حجة الوداع، فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته، ومعه بلال وأسامة، أحدهما يقود به، والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله يظله من الشمس قالت: فقال رسول الله قولاً كثيراً، ثم سمعته يقول: «إن أمر عليكم عبد مجدع - حسبتها قالت: أسود - يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا».

فإن قيل: هذا التظليل إن كان يوم النحر ففيه مستدل وإن كان في أحد أيام منى فلا حجة فيه، لأن النبي حل من إحرامه يوم النحر، وليس فيه بيان أن ذلك كان يوم النحر، بل فيه ما يشعر أنه كان في أيام منى، لأن الجمرة ترمى أيام منى بعد الزوال حين اشتداد الحر، فأما يوم النحر فإن النبي رماها ضحى، وليس ذلك الوقت للشمس حر يحتاج إلى تظليل.

قيل: قد روى ابن عمر عن النبي : كان إذا رمى الجمار مشى إليها ذاهباً وراجعاً. رواه الترمذي وصححه. ورواه أبو داود عن ابن عمر؛ أنه كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة بعد يوم النحر ماشياً ذاهباً وراجعاً، ويخبر أن النبي كان يفعل ذلك. ورواه أحمد فقال: كان يرمي الجمرة يوم النحر راكباً وسائر ذلك ماشياً، ويخبرهم أن النبي كان يفعل ذلك.

ففي هذا ما يدل على أن ذلك الرمي كان يوم النحر، لأنه كان راكباً، وهو لم يفض من جمع حتى كادت الشمس تطلع وما بين أن يفيض إلى أن يجيء إلى جمرة العقبة يصير للشمس مس وحر، … ، وقد أخبرت أم الحصين أنه خطب عند الجمرة، وإنما خطب عند جمرة العقبة يوم النحر، وتخصيصها جمرة العقبة دون غيرها دليل على أنه إنما رماها وحدها، … ، ووجه المشهور: أن النبي وأصحابه معه وخلفاءه من بعده والتابعين لهم بإحسان إنما حجوا ضاحين بارزين، لم يتخذوا محملاً ولا قبة ولا ظلة على ظهور الدواب، وقد قال النبي : «لتأخذوا عني مناسككم». ولهذا عد السلف هذا بدعة. والضحى للمحرم أمر مسنون … »، قلت: من أباح استظلال المحرم راكباً بحديث أم

<<  <  ج: ص:  >  >>