للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال أبو يعلى الفراء في التعليقة الكبيرة (١/ ٣٦٢): «مسألة: لا يستظل المحرم على المحمل، فإن فعل افتدى في أصح الروايتين: نص عليها في رواية جعفر بن محمد، وبكر بن محمد، عن أبيه: لا يستظل المحرم، فإن استظل يفتدي بصيام، أو صدقة، أو نسك بما أمر النبي كعب بن عجرة. [قلت: أكثر رواية أصحاب أحمد: أن لا دم عليه]. وبهذا قال مالك. وفيه رواية أخرى: لا يستظل، فإن فعل فلا فدية عليه. نص عليه في رواية الأثرم، وعبد الله، والفضل بن زياد … .. ، وقال أبو حنيفة والشافعي: يجوز له أن يستظل بظل المحمل»، ثم استدل على قوله بأدلة عامة لا تقوم بمثلها الحجة، ولا يرد بمثلها حديث أم الحصين، ثم ذكر روايات لأثر ابن عمر بألفاظ منكرة، لا خطم لها ولا أزمة، أكثرها من طريق أبي بكر النجاد، وقد كان يحدث من كتب غيره بما لم يكن في أصوله، ثم أخذ يقرر لقوله بكلام طويل قليل الفائدة، فإن كنا نقول في قول ابن عمر: لا قول لأحد مع رسول الله ؛ فكيف بهذه الأقيسة الفاسدة في مقابلة النص، بل ورد النص بأجوبة باردة.

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٥/ ١١١): «وأجمعوا أن للمحرم أن يدخل الخباء والفسطاط، وإن نزل تحت شجرة أن يرمي عليها ثوبا».

واختلفوا في استظلاله على دابته، أو على المحمل، فروي عن ابن عمر أنه قال: اضح لمن أحرمت له، وبعضهم يرفعه عنه. وكره مالك وأصحابه أن يستظل المحرم على محمله، وبه قال عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل.

وروي عن عثمان بن عفان أنه كان يستظل وهو محرم، وأنه أجاز ذلك للمحرم، وبه قال عطاء بن أبي رباح والأسود بن يزيد، وهو قول: ربيعة، والثوري، وابن عيينة، والشافعي، وأصحابه. وقال مالك: إن استظل المحرم في محمله افتدى، وقال الشافعي، وأبو حنيفة: لا شيء عليه، قال: «ولا بأس أن يستظل إذا جافى ذلك عن رأسه».

وقال في الكافي (١/ ٣٧٨): «ولا بأس أن يستظل المحرم بظل الفساطيط والبيوت وشبهها، وجائز أن يحمل على رأسه متاعا إذا اضطر إليه، ولا يستظل على المحمل؛ فإن فعل فقد اختلف قول مالك في ذلك، وأصحه عنه: أن الفدية عليه استحبابا غير واجبة».

وساق ابن قدامة في المغني (٥/ ١٢٩) الاختلاف في المسألة، ودليل كل فريق؛ إلى أن قال: «والحديث ذهب إليه أحمد [يعني: حديث أم الحصين]، فلم يكره أن يستتر بثوب ونحوه، فإن ذلك لا يقصد للاستدامة، والهودج بخلافه والخيمة والبيت يرادان لجمع الرحل وحفظه، لا للترفه وظاهر كلام أحمد: أنه إنما كره ذلك كراهة تنزيه، لوقوع الخلاف فيه، وقول ابن عمر، ولم ير ذلك حراما، ولا موجبا لفدية».

ثم قال (٥/ ١٣١): «ولا بأس أن يستظل بالسقف والحائط والشجرة والخباء، وإن نزل تحت شجرة، فلا بأس أن يطرح عليها ثوبا يستظل به عند جميع أهل العلم، وقد صح به النقل»، ثم احتج بحديث جابر، ثم قال: «ولا بأس أيضا أن ينصب حياله ثوبا يقيه

<<  <  ج: ص:  >  >>