للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بالضرر، فقد يصاب بعض الناس بضربة شمس تؤذيه، وقد يتعذر عليه إكمال المنسك، وها هو النبي لما رأى أبا إسرائيل واقفاً في الشمس، لا يستظل، ولا يتكلم، فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم، فقال النبي : «مره فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه» [أخرجه البخاري (٦٧٠٤)].

وأحسن ما قيل في هذا: قول الشافعي في الأم (٣/ ٥٢٢): «ويستظل المحرم على المحمل، والراحلة، والأرض بما شاء، ما لم يمس رأسه».

ومن أقوال الفقهاء في هذه المسألة:

• قال محمد بن الحسن في الحجة على أهل المدينة (٢/ ٢٧٠): «عن أبي حنيفة، قال: لا بأس بأن يستظل المحرم إذا جافى ذلك عن رأسه، فلم يلصقه بشيء، لعذر أو غير عذر. وقال أهل المدينة: لا ينبغي أن يستظل المحرم … .

وإن كان الرجل مزاملاً لامرأته؛ فلا بأس أن يستظل معها، قيل لهم: وكيف جاز ذلك مع امرأته، وحرم عليه خاصة في وجه ما يحرم في غيره، قالوا: إذا جاء بالعذر عذر، قيل لهم: إن المحرم يعذر بالعذر ويكون عليه مع ذلك فدية، أرأيتم رجلاً وجد البرد في رأسه فليس العمامة وهو محرم، أما تجب علية الكفارة؟ قالوا: بلى، قيل لهم: فهذا مضطر، وإن كنتم رخصتم للمحرم إذا زامل امرأته أن يستظل للضرورة، فمروه بالكفارة، كما يجعل على المضطر في غير ذلك، قيل لهم: أرأيتم إن استظل بيده بثوب أو بعود ينصبه فيستظل به؟ قالوا: هما مفترقان لأن العود يدوم واليد لا يدوم، قيل لهم: والقليل من هذا إذا كان مكروهاً والكثير سواء، وإن كان أحدهما أعظم جرماً في كثرته من الآخر؛ لأن كان الكثير مكروهاً إنه لينبغي أن يكره القليل على قدره أرأيتم لو كان إذا ستر بالثوب بده، فطال ذلك منه وصبر حتى يطول، أيكون قريباً من العود؟ من أين افترق هذا والعود؟ قالوا: لأن ابن عمر قال: إضح لما خرجت له [كذا، والصواب: إضح لمن أحرمت له]، قيل: هلم، والذي استتر بثوب لم يضح لما خرج له [كذا]؟ فكيف فرقتم بينهما؟ كأنكم من قولكم على غير يقين».

• وقال العتبي في الحج (٦٩): «وسئل مالك: عن المحرم يكب وجهه على الوسادة من الحر؟ فكره ذلك، فقيل له: أو يرفعها فيستظل بها؟ قال: ولا أحبه، وأما أن يضع خده فلا بأس بذلك».

وفي موضع آخر (٧٢): وسئل: أيستظل المحرم في محمله؟ قال: لا. قيل: أتستظل المرأة؟ قال: نعم، تستظل هي تلبس الخمار والثياب قيل له: أيستظل الرجل إذا كان عديلها؟ فقال: لا. فقيل: أفيضحى هو وتستظل هي؟ فقال: نعم. قيل: أيستظل المحرم تحت المحمل وهو سائر؛ قال: نعم. [وانظر: البيان والتحصيل (٤/٢٨)].

وفي موضع آخر (٧٣): وسئل: أيستظل المحرم بيديه هكذا؟ قال: لا بأس بذلك، ووضع يديه فوق حاجبيه يستر بهما وجهه. [وانظر: البيان والتحصيل (٤/٣١)] [وسوف

<<  <  ج: ص:  >  >>