للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وصح عن عائشة؛ أنها سئلت عن المحرم يصيبه البرد؟ فقالت: يقول بثوبه هكذا، ويرفعه فوق رأسه.

وفيه دليل على إباحة استظلال المحرم بما لم يمس رأسه، اتقاء الضرر.

• وصح عن جابر؛ أنه كان يجيز للمحرم إذا أصابه البرد أن يتقيه بثوبه، يرفعه فوق رأسه.

وفيه دليل على إباحة استظلال المحرم بما لم يمس رأسه، اتقاء الضرر.

• كما ثبت إباحة الاستظلال للمحرم مطلقاً أو راكباً على رحله: عن عطاء بن أبي رباح، والمسيب بن رافع، ومجاهد، وإبراهيم النخعي، ويروى عن طاووس أيضاً.

• وأما اجتهاد ابن عمر فيما روي عنه: أنه رأى محرماً على بعيره، قد استظل بثوب يستره من حر الشمس، فقال له: اِضحَ لمن أحرمت له.

فلا يُعارض بمثله ما تقدم ذكره من المرفوع والموقوف والمقطوع.

ثم إنه يمكن حمله على أن ذلك هو الأفضل عند ابن عمر، وأنه كان يرى استحبابه فقط، لا أنه يرى المنع مطلقاً من الاستظلال، لذا قال الشافعي [في رواية أبي سعيد]: فأما قول ابن عمر: اِضحَ لمن أحرمت له، فلعله أراد أن ما أصاب في ذلك مما يشق عليه كان أخير له، وما أمره في ذلك بفدية، ولا ضيقه عليه [المعرفة (٧/ ١٩٤)]، وقال النووي في المجموع (٧/ ٣٥٦): «محمول على الاستحباب»، كما يحمل أيضاً على أنه لم يبلغه أن النبي قد استظل راكباً على بعيره بثوب من حر الشمس، ثم إنه لا حجة في قول أحد مع رسول الله ، وأين ابن عمر من أبيه عمر الخليفة الراشد الذي أمرنا باتباع سنته، والاقتداء به، وتعليق حصول الرشد بطاعته، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، والله أعلم. قال ابن المنذر في استظلال الراكب: «ولا بأس به عندي؛ لأني لا أعلم خبراً ثابتاً يمنع منه، وما كان للحلال فعله كان للمحرم فعله؛ إلا ما نهي عنه المحرم».

قال: «وكل ما نهي عنه المحرم يستوي فيه الراكب، ومن على الأرض، كالطيب واللباس، … [ل] حديث ضرب القبة بنمرة، وحديث أم الحصين» [المجموع شرح المهذب (٧/ ٣٥٦)].

وقال النووي في المجموع (٧/ ٢٦٨)، وفي شرحه على مسلم (٩/٤٦): «وقول ابن عمر ليس فيه نهي، ولو كان فحديث أم الحصين مقدم عليه، والله أعلم».

ثم إنه ليس هناك ثمة فارق يُذكر في إباحة الاستظلال على القرار، لمن كان مستقراً على الأرض ماشياً وقائماً وقاعداً، وبين من كان راكباً؛ إذ الحاجة إلى الظل واحدة، نعم أثناء الحركة تخفف الريح من أثر الشمس، لكن في شهور القيظ والحر الشديد، يكون الهواء حارقاً شديد الحرارة، فلا يخفف من أثر حرارة الشمس، أو لا يكون ثمة ريح تخفف من حر الشمس؛ فيستوي حينئذ الراكب والنازل.

ثم إن الله تعالى غني عن تعذيب عباده، وحملهم فوق طاقتهم بما يعود على بعضهم

<<  <  ج: ص:  >  >>