ولفظ عبد الجبار [عند ابن حبان، والمخلص]: حججت مع رسول الله ﷺ حجة الوداع، فرأيت أسامة [بن زيد] أو بلالاً يقود بخطام ناقة رسول الله ﷺ، والآخر رافع ثوبه يستره به من الحر، حتى رمى جمرة العقبة، ثم انصرف فوقف للناس، وقد جعل ثوبه من تحت إبطه الأيمن على عاتقه الأيسر، قال: فرأيت تحت غضروفه الأيمن كهيئة جُمع، ثم ذكر قولاً كثيراً، وكان فيما يقول ﷺ:«إن أُمِّرَ عليكم عبد مجدع أسود، يقودكم بكتاب الله، فاسمعوا وأطيعوا»، ثم قال:«هل بلغت؟».
ولم يضبط متنه عمرو بن قسيط [عند الفاكهي]، حيث قال: رأيت النبي ﷺ غادياً إلى منى، وبين يديه بلال معه عصا عليها ثوب يستره من الشمس. فإن الذي كان يستره من حر الشمس: هو أسامة بن زيد، وكان بلال آخذ بخطام ناقته، وليس في الحديث ذكر العصا.
أخرجه أبو عوانة (١٠/ ١٧٤ و ١٧٦/ ٤٠١١ و ٤٠١٢) و (١٥/ ١٧٣/ ٧٥٤١)، وابن خزيمة (٤/ ٢٠٢/ ٢٦٨٨)، وابن حبان (١٠/ ٤٢٧/ ٤٥٦٤)، وهلال بن العلاء الرقي في الخامس من حديث زيد بن أبي أنيسة (٣٩)، والفاكهي في أخبار مكة (٤/ ٢٤٧/ ٢٥٥٢) و (٤/ ٢٨٦/ ٢٦٣٥)، والطبراني في الكبير (٢٥/ ١٥٧/ ٣٨٠)، وفي الأوسط (٢/٣٨)(١١٦٥)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (٢٠ - المخلصيات)، والدارقطني في الأفراد (٢/ ٤٠٣/ ٥٩١٧ - أطرافه). [الإتحاف (١٨/ ٢٤٦/ ٢٣٦١٦)، المسند المصنف (٤٠/ ٢٣٣/ ١٩١٩٦)].
وهذا حديث صحيح.
قال الدارقطني في الأفراد:«حديث: حججت مع رسول الله ﷺ حجة الوداع … الحديث. تفرد به: عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن يحي بهذه الألفاظ كلها.
ورواه أبو عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة مختصراً، وأخرجه مسلم عن أحمد بن حنبل، عن محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم».
• قلت: لم يتفرد عبيد الله بن عمرو بهذا الألفاظ، بل تابعه على بعضها معقل بن عبيد الله ثم إن عبيد الله بن عمرو: ثقة، مكثر عن زيد، وهو راويته؛ فكيف يستغرب أن ينفرد عنه بشيء؟ فقد جرت العادة أن الراوي المكثر عن شيخه، المختص به، ينفرد عن بقية أصحابه بأحاديث وزيادات، ولا يضره ذلك، والله أعلم.
وزيد بن أبي أنيسة: ثقة حافظ، يحتمل منه انفراده بموضع الشاهد في تظليل المحرم، ويحيى بن الحصين الأحمسي البجلي: ثقة، متفق على توثيقه، وثقه ابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (١٤/ ٤٠٣ - ط دار البر)]، وقد سمع هذا الحديث من جدته أم الحصين.
فهو حديث صحيح، أخرجه مسلم في صحيحه، وصححه أيضاً: أبو عوانة، وابن خزيمة وابن حبان، واحتج به أبو داود والنسائي، وابن المنذر.
قال ابن المنذر في استظلال الراكب: «ولا بأس به عندي؛ لأني لا أعلم خبراً ثابتاً