للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثم قال القاضي أبو يعلى: «وروى سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن أبي حرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي قال: «وخمروا وجهه، ولا تخمروا رأسه، ولا تمسوه طيباً؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً». وهذا نص».

قلت: ثبت العرش ثم انقش، أين إبراهيم بن أبي حرة من: عمرو بن دينار، وأبي بشر جعفر بن أبي وحشية، والحكم بن عتيبة، وأيوب السختياني، وعبد الكريم بن مالك الجزري، وأبي الزبير المكي، ومطر بن طهمان الوراق، ممن روى هذا الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بدون هذه الزيادة الشاذة المخالفة لأصل الرواية، فضلاً عما أثبته الثقات فيه، وقالوا: ولا تخمروا رأسه ولا وجهه، فصار قوله: «خمروا وجهه»: خطأ محضاً، والله أعلم.

ثم قال: «ولأنه إجماع الصحابة، روي عن عثمان وزيد وابن الزبير، وجابر، وابن عباس، وسعد؛ … » وذكرها.

قلت: هذه مغالطة كبيرة؛ إذ ليس هناك إجماع في المسألة، فقد خالفهم أحد أكثر علماء الصحابة علماً بأحكام المناسك، وهو عبد الله بن عمر، فكيف لا يعتد بخلافه!؟

ثم قال: «فإن قيل: يقابل هذا: ما رواه النجاد بإسناده عن نافع عن ابن عمر، قال: المحرم لا يغطي وجهه إلا دون الحنك. وفي لفظ آخر: ما فوق الذقن من الوجه، ولا يخمر المحرم.

قيل له: وقد روى النجاد بإسناده عن نافع عن ابن عمر قال: إحرام المرأة في وجهها، وإحرام الرجل في رأسه.

فإما أن تتعارض الروايتان، فتسقطان ويسلم قول غيره، أو يكون ما ذهبنا إليه أولى؛ لأنه يعضده قول غيره من الصحابة.

قلت: هذا نوع من التشويش على طالب الحق، فأخذك للنصوص من أبي بكر النجاد واعتمادك عليه أدى بك إلى هذا، فإن هذه الألفاظ التي أتيت بها إنما تُعرف من جهته هو، وأحمد بن سلمان أبو بكر النجاد الفقيه الحافظ الصدوق، شبهوه بابن صاعد في كثرة الحديث واتساع طرقه، لكن قال الدارقطني: حدث أحمد بن سلمان من كتاب غيره بما لم يكن في أصوله»، وقال أيضاً: حدث من غير كتبه، وقال حمزة السهمي: «سألت أبا بكر ابن عبدان عن عبد الباقي بن قانع؟ فقال: لا يدخل في الصحيح، ولا النجاد، يعني: أحمد بن سلمان» [سؤالات السهمي (١٧٧) و (٣٣٤). سؤالات السلمي (١٢). تاريخ بغداد (٤/ ١٨٩). السير (١٥/ ٥٠٢). اللسان (١/ ٤٧٥)].

• والمعروف في هذا عن ابن عمر:

ما رواه مالك في موطئه عن نافع؛ أن عبد الله بن عمر كان يقول: ما فوق الذقن من الرأس، فلا يخمره المحرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>