محرمة سواء بالإسدال من فوق الرأس، أو بتغطيته من الأسفل كأن تأخذ خمارها من أسفل فتغطي به وجهها، دون استعمال من فُصِّل على قدر الوجه؛ كالنقاب والبرقع واللثام ونحوها، كما أنه يجب على المرأة أن تغطي وجهها عن الرجال الأجانب فتسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها، من غير اشتراط عدم المماسة للوجه، والذي لم يأت عليه دليل، وإنما دلت أقوال الصحابة وما ثبت عنهم من فعلهم: أن المرأة منعت من استعمال ما فصل على قدر الوجه؛ كالنقاب والبرقع واللثام، لا أنها منعت من تغطية وجهها في حال الإحرام مطلقاً، فأبيح لها السدل مطلقاً، والحياء من الإيمان، وقد أبيح لها أن تكشف وجهها إذا لم تكن بحضور أحد من الرجال الأجانب، فكيف يقال بعد ذلك بأن عليها الفدية إن غطت وجهها لغير حاجة، ولا يثبت في هذا الباب شيء مرفوع، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
قال ابن حزم في المحلى (٧/ ٥٢٤ - ط بشار): «وما نهيت المرأة عن تغطية وجهها؛ بل هو مباح لها في الإحرام، وإنما نهيت عن النقاب فقط».
وقال ابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٧١١ - ط عطاءات العلم): «ولم ينهها عن تخمير الوجه مطلقاً، فمن ادعى تحريم تخميره مطلقاً فعليه الدليل، بل تخصيص النهي بالنقاب وقرانه بالقفاز دليل على أنه إنما نهاها عما صنع لستر الوجه، كالقفاز المصنوع لستر اليد، والقميص المصنوع لستر البدن».
وقال ابن القيم في تهذيب السنن (١/ ٣٥٢ - ط عطاءات العلم): «وليس عن النبي ﷺ حرف واحد في وجوب كشف المرأة وجهها عند الإحرام إلا النهي عن النقاب».
• تنبيه آخر: ثبت عن ابن عمر قوله في نهي المرأة المحرمة عن لبس القفازين، وعارضه: ما ثبت عن عائشة بإسناد صحيح إباحة لبس القفازين، فيما روته أم شبيب العبدية، عن عائشة؛ أن امرأة سألتها: ما تلبس المحرمة؟ فقالت: الخفين، والقفازين، والسراويل، ونهت عن الكحل والنقاب.
ولا يُعارض هذا بما رواه: محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عائشة قالت: تلبس المحرمة ما شاءت من الثياب؛ إلا البرقع والقفازين، ولا تنتقب. فإن إبراهيم النخعي: لم يسمع من عائشة شيئاً، وتقدم بيانه في موضعه.
والحاصل: فقد تعارض عندنا قولان في الإباحة والمنع، وأم المؤمنين عائشة أدرى بما يخص النساء في ذلك من الرجال، فقولها أشبه بالصواب، لاسيما وقد تابعها ابن أخيها القاسم بن محمد فقيه أهل المدينة، وسوف يأتي نقل قول أبي عبيد في الغريب:«أما القفازان: فالناس على الرخصة فيه، لأن الإحرام إنما هو في الرأس والوجه».
٢ - عن ابن عباس موقوفاً عليه:
• يرويه: يحيى بن سعيد القطان [ثقة حجة، إمام ناقد]، وروح بن عبادة [ثقة فاضل]: