وقال ابن بطال في شرح البخاري (٤/ ٥١٦): «قال المهلب كان هذا في عام القضية. وفيه من الفقه جواز حمل المحرم السلاح في الحج والعمرة إذا كان خوف واحتيج إليها، وأجاز ذلك: عطاء، ومالك، والشافعي. وكرهه الحسن البصري، وهذا الحديث حجة على الحسن في كراهيته، وعلى عكرمة في إيجاب الفدية في ذلك».
وقال ابن يونس الصقلي في الجامع لمسائل المدونة (٥/ ٦٦٤): «ومن المدونة: قال مالك: وإن ألجيء المحرم إلى تقليد السيف فلا بأس به. قال عنه ابن المواز: فإن تقلده لغير حاجة فلا فدية عليه ولينزعه، قاله أصبغ. وقال ابن وهب: إن تقلده لغير ضرورة افتدى».
وقال ابن قدامة في المغني (٥/ ١٢٨): «مسألة: قال: ويتقلد بالسيف عند الضرورة.
وجملة ذلك أن المحرم إذا احتاج إلى تقلد السيف فله ذلك. وبهذا قال مالك، وأباح عطاء، والشافعي، وابن المنذر تقلده. وكرهه الحسن.
والأول أولى؛ لما روى أبو داود، بإسناده عن البراء، قال: لما صالح رسول الله ﷺ أهل الحديبية، صالحهم على أن لا يدخلوها إلا بجلبان السلاح. - القراب بما فيه -[قلت: كان الأولى الاحتجاج برواية البخاري من نفس الوجه، أو من وجه آخر بلفظ مختصر: عن البراء ﵁: اعتمر النبي ﷺ في ذي القعدة، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم: لا يُدخل مكة سلاحاً إلا في القراب. وترجم له البخاري بقوله: «باب لبس السلاح للمحرم»] وهذا ظاهر في إباحة حمله عند الحاجة؛ لأنهم لم يكونوا يأمنون أهل مكة أن ينقضوا العهد، ويخفروا الذمة، واشترطوا حمل السلاح في قرابه.
فأما من غير خوف، فإن أحمد قال: لا، إلا من ضرورة وإنما منع منه؛ لأن ابن عمر قال: لا يحمل المحرم السلاح في الحرم.
والقياس إباحته؛ لأن ذلك ليس هو في معنى الملبوس المنصوص على تحريمه، ولذلك لو حمل قربة في عنقه، لا يحرم عليه ذلك، ولا فدية عليه فيه. وسئل أحمد عن المحرم يلقي جرابه في رقبته، كهيئة القربة؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس».
وقال النووي في المجموع (٧/ ٢٥٥): «قال أصحابنا: وله أن يتقلد المصحف، وحمائل السيف».
وقال في موضع آخر (٧/ ٢٦٩): «قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يجوز أن يتقلد السيف، وبه قال الأكثرون، ونقل القاضي أبو الطيب عن الحسن البصري كراهته، وعن مالك أنه لا يجوز».
وقال أيضاً (٧/ ٤٧١): «يكره حمل السلاح بمكة لغير حاجة؛ لحديث جابر: إن النبي ﷺ قال: «لا يحل أن يحمل السلاح بمكة». رواه مسلم».
وقال ابن مفلح في الفروع (٥/ ٤٢٨): «ويتقلد بسيف لحاجة، ولقضية صلح الحديبية، رواه البخاري، ولا يجوز بلا حاجة، نقل صالح: إذا خاف من عدو، وهو معنى قوله: لا، إلا من ضرورة.