للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• قال ابن بطال في شرح البخاري (٢/ ٥٥٩): «وقال مرة: حملت السلاح في يوم لا يحل حمله فيه. قول ابن عمر: حملت السلاح في يوم لم يكن يحمل فيه، يدل أن حملها ليس من شأن العيد، وحملها في المشاهد التي لا يحتاج إلى الحمل فيها مكروه؛ لما يخشى فيها من الأذى والعقر عند تزاحم الناس، وقد قال للذي رآه يحمل نبلا في المسجد: «أمسك بنصالها لا تعقرن بها مسلما»، فإن خافوا عدوا فمباح حملها، كما قال الحسن، قال المهلب: وقد أباح الله حمل السلاح في الصلاة عند الخوف، فقال تعالى: ﴿خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾ [النساء: ٧١]. وقوله: أمرت بحمل السلاح في الحرم ولم يكن يدخل فيه، إنما ذلك للأمن الذي جعله الله لجماعة المسلمين فيه، لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً﴾ [آل عمران: ٩٧]. وقول ابن عمر: «أنت أصبتني» دليل على قطع الذرائع؛ لأنه لامه على ما أداه إلى أذاه، وإن كان لم يقصد الحجاج ذلك».

وقال ابن رجب في فتح الباري (٦/ ١٠١): «وظاهر كلام ابن عمر: يقتضي أن حمل السلاح يوم النحر غير جائز، سواء كان في الحرم أو غيره، وكذلك حمله في الحرم.

وفي صحيح مسلم من حديث معقل، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي قال: «لا يحل لأحدكم أن يحمل بمكة السلاح».

وقول ابن عمر قال: لم يكن يحمل فيه؛ في معنى رفعه؛ لأنه إشارة إلى أن ذلك كان عادة مستمرة من عهد النبي إلى ذلك الزمان. ولعل النهي إنما هو عن اشتهار السلاح لا عن حمله في القراب، كما نهي عن ذلك في المساجد.

ويدل عليه: أن النبي قاضى أهل مكة عام الحديبية على أن يدخلها من قابل، وأن لا يدخلها إلا بجلبان السلاح، وهي السيوف في القراب.

ولكن ألفاظ الأحاديث عامة، وقد يكون دخوله مكة عام القضية بالسلاح؛ لأنه كان خائفا. وقد حكي عن عطاء ومالك والشافعي، أنه يكره إدخال السلاح إلى الحرم لغير حاجة إليه».

وقال ابن حجر في الفتح (٢/ ٤٥٥): «قوله: فبلغ الحجاج؛ أي: ابن يوسف الثقفي، وكان إذ ذاك أميرا على الحجاز، وذلك بعد قتل عبد الله بن الزبير»، إلى أن قال: «قوله: أنت أصبتني؛ فيه نسبة الفعل إلى الأمر بشيء يتسبب منه ذلك الفعل، وإن لم يعن الأمر ذلك، لكن حكى الزبير في الأنساب: أن عبد الملك لما كتب إلى الحجاج؛ أن لا يخالف ابن عمر شق عليه، فأمر رجلا معه حربة، يقال: إنها كانت مسمومة، فلصق ذلك الرجل به، فأمر الحربة على قدمه، فمرض منها أياما ثم مات، وذلك في سنة أربع وسبعين، فعلى هذا: ففيه نسبة الفعل إلى الأمر به فقط، وهو كثير، وفي هذه القصة تعقب على المهلب؛ حيث استدل به على سد الذرائع؛ لأن ذلك مبني على أن الحجاج لم يقصد ذلك.

قوله: حملت السلاح؛ أي: فتبعك أصحابك في حمله، أو المراد بقوله: حملت؛ أي: أمرت بحمله. قوله: في يوم لم يكن يحمل فيه؛ هذا موضع الترجمة، وهو مصير من

<<  <  ج: ص:  >  >>