وقال أبو داود في مسائله لأحمد (٢٠٦٤): «سمعت أحمد بن محمد بن حنبل، قيل له: ممن سمع مكحول من أصحاب النبي ﷺ؟ قال: من أنس، وواثلة، وأبي هند. قيل لأحمد: ابن عمر؟ قال: لا».
وقال أبو عيسى الترمذي:«مكحول قد سمع من: واثلة بن الأسقع، وأنس بن مالك، وأبي هند الداري، ويقال: إنه لم يسمع من أحد من أصحاب النبي ﷺ إلا من هؤلاء الثلاثة» [جامع الترمذي (٢٥٠٦). السير (٥/ ١٥٨). تحفة التحصيل (٣١٥)].
قلت: وبناء على ذلك فإن إثبات اللقاء في هذا الحديث، بين مكحول وابن عمر، إنما هو خطأ محض من أحد الرواة، والإسناد إلى مكحول ليس بذاك القوي لكي يُعارض به قول من نفى السماع مثل: أبي زرعة، وأحمد، وغيرهما.
وعمارة بن زاذان الصيدلاني: صدوق كثير الخطأ، قال أحمد:«يروي عن ثابت عن أنس: أحاديث مناكير»، وقال البخاري:«ربما يضطرب في حديثه»، ولينه أبو داود وأبو حاتم والساجي، واحتمله أحمد - في رواية، وابن معين، ومسلم، وأبو زرعة، والعجلي، ويعقوب بن سفيان، وابن عدي، وضعفه الدارقطني، وابن عمار [التهذيب (٣/ ٢١٠)(٩/ ٦٢٢ - ط دار البر). شرح العلل (٢/ ٦٩٢). التقريب (٤٥٠)]؛ فلا يبعد أن يكون ذلك منه.
كذلك؛ فإن الفضل بن الحباب: ثقة؛ تكلم فيه، وأخطأ في أحاديث، وقال أبو يعلى الخليلي:«احترقت كتبه» فلعله حدث به بعد احتراق كتبه أو قبلها ودخل له حديث في حديث، والله أعلم [انظر: الإرشاد (٢/ ٥٢٦). سؤالات حمزة السهمي (٢٤٧). الثقات (٩/٨). السير (١٤/٧). التذكرة (٢/ ٦٧٠). الميزان (٣/ ٣٥٠). اللسان (٦/ ٣٣٧)].
ك - ورواه هشام بن عمار [صدوق، كان يلقن]: حدثنا أيوب بن حسان [الجرشي الدمشقي أبو حسان، قال أبو حاتم:«شيخ قديم، صالح الحديث». الجرح والتعديل (٢/ ٢٤٤). تاريخ دمشق (١٠/ ٩٢). تاريخ الإسلام (٤/ ١٠٧٧). الثقات لابن قطلوبغا (٢/ ٤٧٢)]: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الأعلى، قال: كان الحجاج بن يوسف على الموسم، فلما أفاض أصاب رِجلَ ابن عمر زُجٌ أو رُمحٌ فجرحه، فقال: أسرعوا بي، فأسرعوا به حتى زار البيت وانصرف، فجاءه الحجاج، فقال: من بك؟ فقال: أنت بي، جعله الله حراً آمناً، وحملت أنت فيه السلاح.
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٣١/ ١٩٦).
قلت: عبد الرحمن بن عبد الأعلى: لم أقف له على ترجمة، ولا يدرى من هو؟ ولم يذكر سماعاً من ابن عمر، ولا أنه حضر الواقعة، إنما يحكيها حكاية؛ إلا أن يكون هو الذي ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٥/ ٢٦١)، وبيض لشيوخه وتلاميذه، ثم قال:«سئل أبي عنه فقال: لا بأس به»، كما أن في سياق القصة سقط وخلل، ولعل المراد: من صنع هذا بك؟ فقال: أنت صنعته بي، أو نحو هذا، والله أعلم.