معقل، يعني: بمكة، لا بالمدينة، كما فسره بعضهم بناء على السياق، وأن عود الضمير على المدينة؛ إنما يعد من أوهام ابن لهيعة، وأما قيد القتال في رواية ابن لهيعة فليس فيه مخالفة لرواية معقل، لأن حمل السلاح بمكة إنما جاز لأجل حفظ النفس، والله أعلم.
قال القاضي عياض في إكمال المعلم (٤/ ٤٧٦): «وقوله: «لا يحل لأحدكم أن يحمل السلاح بمكة»: هذا محمول عند أهل العلم على حمله لغير ضرورة ولا حاجة، فإن كان خوف وحاجة إليها جاز، وهو قول مالك والشافعي وعطاء، وكرهه الحسن البصري تمسكاً بظاهر هذا الحديث».
قلت: ثم إن حديث ابن عمر الآتي الذي أخرجه البخاري يشهد لصحة حديث جابر هذا، فكيف يقال بعد ذلك بأن حديث جابر في تحريم حمل السلاح بمكة من غرائب مسلم؟ سبحانك! ما كان ينبغي أن يقال لاسيما وقد ترجم البخاري لحديث ابن عمر بنحو حديث جابر، فقال:«باب ما يُكره من حمل السلاح في العيد والحرم».
٢ - حديث ابن عمر:
أ - رواه أبو كريب محمد بن العلاء [ثقة حافظ]، وأحمد بن حنبل [ثقة حجة، إمام فقيه]، ومحمد بن طريف البجلي [ثقة]، والحسن بن عرفة [ثقة]، وزكريا بن يحيى بن عمر بن حصن أبو السكين الطائي [لا بأس به، أخرج له البخاري هذا الحديث الواحد، وقد توبع عليه. انظر: التهذيب (١/ ٦٣٤). هدي الساري (٢/ ١٠٦٠). الميزان (٢/ ٧٩).
سؤالات البرقاني (١٦٦). سؤالات الحاكم (٣٢٩). تاريخ بغداد (٩/ ٤٦٩). صيانة الصحيح عن القدح والتجريح ترجمة رقم (١٢)]:
حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، قال: حدثنا محمد بن سوقة، عن سعيد بن جبير، قال: كنت مع ابن عمر حين أصابه سِنانُ الرُّمح في أخمص قدمه، فلزقت قدمه بالركاب، فنزلت، فنزعتها، وذلك بمنى، فبلغ الحَجاج، فجعل يعوده، فقال الحجاج: لو نعلم من أصابك، فقال ابن عمر: أنت أصبتني، قال: وكيف؟ قال: حملت السلاح في يوم لم يكن يُحمل فيه، وأدخلت السلاح الحرم، ولم يكن السلاح يدخل الحرم. لفظ زكريا [عند البخاري].
ولفظ أبي كريب وابن طريف [عند البيهقي] قال: كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرمح في أخمص قدمه، فلزقت أخمص قدمه بالركاب، فنزل فنزعها، وذلك بمنى، فبلغ ذلك الحجاج، فأتاه يعوده فقال: لو نعلم من أصابك، فقال ابن عمر: أنت أصبتني، قال: وكيف؟ قال: حملت السلاح في يوم لم يكن يُحمل فيه، وأدخلت السلاح الحرم، وكان السلاح لا يدخل الحرم.
ولفظ ابن عرفة [عند أبي نعيم الحداد] قال: أصاب ابن عمر سنانُ رُمح في أخمص قدمه، فأتاه الحجاج يعوده، فقال له: من أصابك؟ قال: أنت أصبتني؛ أدخلت السلاح الحرم، ولم يكن يدخل الحرم، وحملته في يوم لم يكن يُحمل فيه.