للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فرخص فيه بشرط الحاجة، فعلم أنه مكروه بدونها، وأنه ليس بمحرم، إذ لو كان محرماً بدون الحاجة لوجبت فيه الفدية مع الحاجة كالطيب.

فعلى هذا إن احتاج إلى الادهان، مثل أن يكون برجله شقوق أو بيديه ونحو ذلك، جاز بغير كراهة ولا فدية؛ لأنه يجوز أن يأكله. ولو كان بمنزلة الطيب لما جاز أكله.

وإن كانت الحاجة في رأسه مثل أن ينشف رأسه ونحو ذلك، جاز أيضاً على عموم كلامه ومقتضاه. وعموم كلامه في رواية أبي داود يقتضي المنع من دهن رأسه به بكل حال. وإن لم تكن به حاجة فقد نص على منع دهن رأسه في رواية الجماعة، وما في معنى الرأس.

وأما دهن بشرته: فعلى روايتين: إحداهما: يكره أيضاً؛ لأنه قال في رواية المروذي: لا يدهن، وقال في رواية الأثرم: يدهن به إذا احتاج إليه ولم يفصل، …

والثانية: أن المنع مختص بالرأس؛ لأنه قال في رواية عبد الله: لا يرجل شعره ولا يدهنه. وقال في رواية أبي داود: الزيت الذي يؤكل لا يدهن به المحرم رأسه. وكذلك نقل أبو بكر عنه: إن دهن رأسه بغير طيب كرهته ولا فدية، … وذلك لأن دهن الشعر يزيل شعثه ويرجله ويرفهه، بخلاف دهن البشرة فإنه يوجب لصوق الغبار بها … .

فأما دهن البان: فذكره أبو الخطاب من الأدهان غير المطيبة، والذي يدل على أنه مكروه دون كراهة الطيب: ما روى نافع، قال: كان ابن عمر إذا أراد الخروج إلى مكة ادهن بدهن ليس له رائحة طيبة، ثم يأتي مسجد ذي الحليفة، فيصلي ثم يركب، فإذا استوت به راحلته قائمة أحرم ثم قال: هكذا رأيت رسول الله فعل. رواه البخاري.

[قلت: رواه فليح بن سليمان، عن نافع، قال: كان ابن عمر إذا أراد الخروج إلى مكة ادهن بدهن ليس له رائحة طيبة، ثم يأتي مسجد ذي الحليفة فيصلي، ثم يركب، وإذا استوت به راحلته قائمةً أحرم، ثم قال: هكذا رأيت النبي يفعل. أخرجه البخاري (١٥٥٤)، وتقدم تخريجه في المجلد الرابع والعشرين، تحت الحديث رقم (١٧٧١)، الطريق رقم (١٨)، وقلت هناك بأن هذا القدر في الادهان عندي موقوف على ابن عمر، وليس مرفوعاً].

وعن مسلم البطين، قال: كان حسين بن علي إذا أراد أن يحرم ادهن بالزيت، وكان أصحابه يدهنون بالطيب. [تقدمت الإشارة إليه تحت الأثر رقم (٦)، وأنه لا يثبت].

وعن إبراهيم بن سعد قال: رأى عثمان بن عفان رجلاً بذي الحليفة - وهو يريد أن يحرم ولم يحرم - مدهون الرأس، فأمره أن يغسل رأسه بالطين. رواهما سعيد. [قلت: وهذا معضل، إبراهيم بن سعد: لم يدرك عثمان، بينهما اثنان فأكثر].

وعن علي أنه كان إذا أراد أن يحرم ادهن من دبة زيت. [تقدم برقم (٦)، ولا يثبت]. فادهانهم قبل الإحرام دليل على أنه غير مشروع بعده، وقد أخبر ابن عمر أن

<<  <  ج: ص:  >  >>