للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ونحوها، وشبهوه بالعصفر وبالفواكه في أن المقصود به غير الرائحة من طعم أو لون.

وقول أحمد: من يرخص في الريحان يرخص في الحناء، دليل على أنه عنده بمنزلة الريحان في كونه نباتاً له رائحة طيبة، ولا يتخذ للتطيب، فعلى هذا إذا منعنا من الريحان منعنا من الحناء. ويتوجه أن لا يكره بحال؛ لأن أحمد قال: من رخص في الريحان رخص فيه، ولم يقل: من منع من الريحان منع منه؛ لأنه أولى بالرخصة من الريحان، إذ الريحان يقصد شمه، والحناء لا يقصد شمه، فلا يلزم من كراهة الريحان كراهته، كما لم يكره المعصفر، فإذا كان زينة كره لغير حاجة، كما ذكره في رواية ابن أبي حرب، وعلى ذلك أصحابنا.

ويحتمل قوله الرخصة مطلقاً؛ لأنه قال: ومن يرخص في الريحان يرخص فيه، والريحان على إحدى الروايتين لا كراهة فيه؛ ولأنه إنما نقل الكراهة عن عطاء، فأما لحاجة فلا يكره، كما قال في رواية حنبل، وعلى ذلك يحمل ما روي عن عكرمة: أن عائشة وأزواج النبي كن يختضبن وهن حرم. رواه ابن المنذر [قلت: ولا يثبت في خضاب المحرم شيء].

قال أصحابنا: وإذا اختضبت ولفت على يديها لفائف وشدتها افتدت، كما لو لبست القفازين، وكذلك كل خرقة تلفها على يديها وتشدها؛ لأن شدها يجعلها بمنزلة القفازين في كونه شيئاً مصنوعاً لليد، وكذلك الرجل، وإن لفتها من غير شد لم تفتد؛ لأنه بمنزلة ما لو وضعت يدها في كمها، وكالعمامة التي يلفها الرجل على بطنه، … ».

وقال ابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٥٦٠ - ط عطاءات العلم): «فأما الادهان: فإن كان بدهن فيه طيب، مثل دهن البنفسج والورد ونحو ذلك فحكمه حكم الطيب، لا يجوز إلا لضرورة وعليه الفدية، وإن كان غير مطيب، مثل الشيرج والزيت، فقال أبو بكر: قال أحمد: إن دهن رأسه بغير طيب كرهته ولا فدية، وعامة كلام أحمد يقتضي ذلك وأنه مكروه، إلا إذا احتاج إليه، فإن مكروهات الإحرام عند الحاجة تصير غير مكروهة، ولا فدية فيها، بخلاف محظوراته، فإنها إذا أبيحت لا بد فيها من فدية.

قال في رواية عبد الله: لا يرجل شعره ولا يدهنه. وكذلك قال في رواية المروذي: لا يرجل شعره ولا يدهن. وكذلك قال الخرقي: لا يدهن بما فيه طيب وما لا طيب فيه.

وقال: ويتداوى بما يأكل، وهو يأكل الزيت والشيرج ونحوهما، فعلم أنه يجوز أن يتداوى به من غير فدية ولا كراهة.

وقال في رواية أبي داود: الزيت الذي يؤكل لا يدهن به المحرم رأسه، فذكرت له حديث ابن عمر: أن النبي ادهن بزيت غير مفتت، فسمعته يقول: المحرم الأشعث الأغبر. فقد نص على كراهته لأنه يزيل الشعث والغبار.

وقال في رواية الأثرم، وقد سئل عن المحرم يدهن بالزيت والشيرج؟ قال: نعم، يدهن به إذا احتاج إليه، ويتداوى المحرم بما يأكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>