وقال البيهقي في الصغير (٢/ ١٥٤): «وروينا عن عمر بن الخطاب ﵁، أنه كره لطلحة بن عبيد الله أن يلبس الثياب المصبغة في الإحرام، وإن كان بغير طيب؛ مخافة أن يراه الجاهل فيذهب إلى أن الصبغ واحد؛ فيلبس المصبوغ بالطيب».
وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٠/١٧): «وقد كان مالك فيما ذكر عنه ابن وهب وابن القاسم: يستحب إيجاب الفدية على من لبس المعصفر المصبغ في الإحرام، وهو قول أبي حنيفة.
والأصل في هذا الباب: أن الطيب للمحرم بعد الإحرام لا يحل بإجماع العلماء؛ لنهي رسول الله ﷺ المحرم عن الزعفران والورس، وما صبغ بهما من الثياب المصبغات في الإحرام.
وقال بعض أهل العلم: إنما كان ذلك من عمر خوفاً من التطرق إلى ما لا يجوز من الصبغ مثل الزعفران والورس وما أشبههما مما يعد طيباً.
وقال غيره: إنما كان ذلك من عمر إلى طلحة لموضعه من الإمامة، ولأنه ممن يقتدى به فوجب عليه ترك الشبهة، لئلا يظن به ظان ما لا يجوز أن يظن بمثله، ويتأول في ذلك عليه».
وقال الكاساني في بدائع الصنائع (٢/ ١٨٥): «ولنا: ما روي أن عمر ﵁ أنكر على طلحة لبس المعصفر في الإحرام، فقال طلحة ﵁: إنما هو ممشق بمغرة، فقال عمر ﵁: إنكم أئمة يقتدى بكم.
فدل إنكار عمر واعتذار طلحة ﵄ على أن المحرم ممنوع من ذلك.
وفيه إشارة إلى أن الممشق مكروه أيضاً؛ لأنه قال: إنكم أئمة يقتدى بكم، أي: من شاهد ذلك ربما يظن أنه مصبوغ بغير المغرة فيعتقد الجواز، فكان سبباً للوقوع في الحرام فيكره، ولأن المعصفر طيب؛ لأن له رائحة طيبة، فكان كالورس والزعفران».
قلت: أما ترك لبس المصبوغ بغير الطيب؛ فلأجل سد الذريعة، إعمالاً لقول عمر، ويبقى أصله على الإباحة، وأما المعصفر: فليس بطيب، وقد نص على ذلك الصحابي الجليل جابر بن عبد الله، وقد ثبت إباحته للمحرم عن: جابر، وابن عمر، وعائشة، وأم سلمة، وأسماء بنت أبي بكر، وبعض أزواج النبي ﷺ، كما ثبت ذلك أيضاً عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن جعفر.
• وروى عبيد الله بن موسى [ثقة]، قال: أخبرنا عمرو بن عثمان مولى آل طلحة [عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب، مولى آل طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي: ثقة]، عن أبي جعفر، قال: كان طلحة بن عبيد الله يلبس المعصفرات. لفظ ابن سعد.
ولفظ البلاذري: قال: كان طلحة يلبس المعصفرات، أو قال: المصبغات. أخرجه ابن سعد في الطبقات (٣/ ٢١٩)، والبلاذري في أنساب الأشراف (١٠/ ١٢٣)