للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والأيمان وغير ذلك من أنواع الخطاب، والنبي أمر بلبس الخفين والسراويل، فعلم أنه أراد ما يسمى خفاً وسراويلاً عند الإطلاق.

وأيضاً فإنه وإن سمي خفاً وسراويلاً فإنه ذكره باللام الذي يقتضي تعريف الحقيقة، أو بلفظ التنكير الذي يقتضي مجرد الحقيقة، فيقتضي ذلك أن يجوز مسمى الخف والسراويل على أي حال كان كسائر أسماء الأجناس.

وأيضاً فإن وجود المغير عن هيئة الخفاف والسراويلات نادر جداً، لا يكون إلا بقصد، واللفظ العام المطلق لا يجوز أن يحمل على ما يندر وجوده من أفراد الحقيقة، فكيف ما يندر وجوده من مجازاته؟

وأيضاً فإنه لو افتقر ذلك إلى تغيير أو وجبت فيه فدية؛ لوجب أن يبين مقدار التغيير الذي يبيح لبسه أو مقدار الفدية الواجبة، فإن مثل هذا لا يعلم إلا بتوقيف.

وأيضاً فقد رأى على الأعرابي سراويل وأقره على ذلك، وبين أن السراويل بمنزلة الإزار عند عدمه [لا يثبت]، والخف بمنزلة النعل عند عدمه، ومعلوم أن الإزار والنعل لا فدية فيهما.

وأيضاً فإنه إنما جوز لبسهما عند عدم الأصل، فلو افتقر ذلك إلى تغيير أو وجبت فدية لاستوى حكم وجود الأصل وعدمه في عامة المواضع.

وبيان ذلك أنهما إذا غيرا: صارا بمنزلة الإزار والنعل؛ فيجوز لبسهما مغيرين مع وجود الإزار والنعل، إذ لا فرق بين نعل ونعل وإزار وإزار، وهذا مخالف لقوله: «السراويل لمن لم يجد الإزار، والخفان لمن لم يجد النعلين، فجعلهما لمن لم يجد، كما في قوله: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [النساء: ٤٣، المائدة: ٦] وقوله: ﴿فَمَنْ لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾ [البقرة: ١٩٦، المائدة: ٨٩] وقوله: ﴿فَمَنْ لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ﴾ [النساء: ٩٢، المجادلة: ٤] إلى غير ذلك من المواضع، ومخالف لقوله: «من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين»، ومخالف لقوله: «السراويل إزار من لا إزار له، والخفان نعلا من لا نعل له» [قلت: وهذا اللفظ الأخير لا يثبت مرفوعاً، ويثبت شقه الثاني من قول عمر]. وهذا واضح.

وإن لم يصيرا بالتغيير بمنزلة الإزار والخف فلا فائدة في التغيير، بل هو إتلاف بغير فائدة أصلاً وإفساد له، والله لا يحب الفساد.

وأيضاً فإن عامة الصحابة وكبراءهم على هذا؛ … »، [فذكره عن علي، وعبد الرحمن بن عوف، وعائشة، ولا يثبت عنهم؛ إنما ثبت عن عمر، وابن عباس].

وقال أيضاً في شرح العمدة (٤/ ٤٦٤ - ط عطاءات العلم) في سياق الكلام عن قطع الخفين لمن لم يجد النعلين: … هذه الزيادة متروكة في حديث ابن عباس وجابر وغيرهما.

وليس هذا مما يقال فيه: الزيادة من الثقة مقبولة، لأن ابن عمر حفظ هذه الزيادة،

<<  <  ج: ص:  >  >>