للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وروي عنه أنه عليه أن يقطعهما؛ قال في رواية حنبل: الزهري عن سالم عن ابن عمر، وذكر الحديث إلى قوله: «وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين». وظاهره أنه أخذ به.

وقد حكى ابن أبي موسى وغيره الروايتين، إحداهما: عليه أن يقطعهما أسفل من الكعبين، فإن لم يقطعهما فعليه دم؛ لأن ذلك في حديث ابن عمر، وهو مقيد، فيقضى به على غيره من الأحاديث المطلقة، فإن الحكم واحد والسبب واحد، وفي مثل هذا يجب حمل المطلق على المقيد وفاقاً. ثم هذه زيادة حفظها ابن عمر ولم يحفظها غيره، وإذا كان في أحد الحديثين زيادة وجب العمل به.

ووجه الأول: ما روى ابن عباس، قال: سمعت رسول الله يخطب بعرفات: «من لم يجد إزاراً فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين». وفي لفظ: «السراويل لمن لم يجد الإزار، والخفان لمن لم يجد النعلين». متفق عليه. قال مسلم: لم يذكر أحد منهم يخطب بعرفات؛ غير شعبة وحده [قلت: بل تابعه سعيد بن زيد]. وفي رواية صحيحة لأحمد قال: «من لم يجد إزاراً ووجد سراويل فليلبسه، ومن لم يجد نعلين ووجد خفين، فليلبسهما». قلت: ولم يقل: ليقطعهما؟ قال: لا.

وعن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله : «من لم يجد نعلين فليلبس خفين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس سراويل». رواه أحمد ومسلم» [ثم ذكر مرسل بكر بن عبد الله المزني، ولا يثبت، وحديث عبد الرحمن بن عوف، ولا يثبت].

ثم قال: «فقد أمر النبي بلبس الخفين عند عدم النعلين، والسراويل عند عدم الإزار، ولم يأمر بتغييرهما، ولم يتعرض لفدية، والناس محتاجون إلى البيان، لأنه كان بعرفات، وقد اجتمع عليه خلق عظيم لا يحصيهم إلا الله يتعلمون وبه يقتدون، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

فلو وجب تغييرهما أو وجبت فيهما فدية لوجب بيان ذلك، لا سيما ومن جهل جواز لبس الإزار والخفين فهو بوجوب الفدية أو التغيير أجهل، ألا ترى أن الله سبحانه ورسوله حيث أباح شيئاً لعذر فإنه يذكر الفدية، كقوله: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، وقول النبي لكعب بن عجرة: «احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة، أو انسك شاة».

وأيضاً فإن اللام في السراويل والخف لتعريف ما هو معهود ومعروف عند المخاطبين، وذلك هو السراويل الصحيح والخف الصحيح، فيجب أن يكون هو مقصود المتكلم، وأن يحمل كلامه عليه.

وأيضاً فإن المفتوق والمقطوع لا يسمى سراويلاً وخفاً عند الإطلاق؛ ولهذا لا ينصرف الخطاب إليه في لسان الشارع، كقوله: «أمرنا أن لا ننزع خفافنا»، وقوله: امسحوا على الخفين والخمار»، وغير ذلك، ولا في خطاب الناس مثل الوكالات

<<  <  ج: ص:  >  >>