والأولى قطعهما، عملا بالحديث الصحيح، وخروجا من الخلاف، وأخذا بالاحتياط».
ثم قال (٥/ ١٢٢): «فصل: فإن لبس المقطوع، مع وجود النعل، فعليه الفدية، وليس له لبسه. نص عليه أحمد. وبهذا قال مالك. وقال أبو حنيفة: لا فدية عليه؛ لأنه لو كان لبسه محرما وفيه فدية لم يأمر النبي ﷺ بقطعهما، لعدم الفائدة فيه، وعن الشافعي كالمذهبين.
ولنا: أن النبي ﷺ شرط في إباحة لبسهما عدم النعلين، فدل على أنه لا يجوز مع وجودهما، ولأنه مخيط لعضو على قدره، فوجبت على المحرم الفدية بلبسه، كالقفازين».
• وقال النووي في المجموع (٧/ ٢٦٥) في مذاهب العلماء فيمن لم يجد نعلين: «قد ذكرنا أن مذهبنا: أنه يجوز له لبس خفين بشرط قطعهما أسفل من الكعبين، ولا يجوز من غير قطعهما، وبه قال: مالك، وأبو حنيفة، وداود، والجمهور، وهو مروي عن عمر بن الخطاب [ولا يثبت عنه، بل ثبت عنه خلافه]، وعبد الله بن عمر، وعروة، والنخعي.
وقال أحمد: يجوز لبسهما من غير قطع، وروي ذلك عن: عطاء وسعيد بن سالم القداح [قلت: وثبت عن عمر قوله لما سئل عن الخفين: «هما نعلا من لا نعلا له»].
واحتج أحمد بحديث ابن عباس، قال: سمعت رسول الله ﷺ يخطب بعرفات، يقول: «السراويل لمن لم يجد الإزار، والخفان لمن لم يجد النعلين»، يعني: المحرم.
رواه البخاري ومسلم. وعن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: «من لم يجد نعلين فليلبس
خفين، ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل». رواه مسلم.
واحتج أصحابنا بحديث ابن عمر»، … فذكره ثم قال: «وأجاب الشافعي والأصحاب عن حديثي ابن عباس وجابر بأن حديث ابن عمر فيه زيادة فالأخذ به أولى، ولأنه مفسر، وخبر ابن عباس مجمل، فوجب ترجيح حديث ابن عمر. قال الشافعي: وابن عمر وابن عباس: حافظان عدلان، لا مخالفة بينهما، لكن زاد أحدهما زيادة فوجب قبولها، والله أعلم».
ثم قال: «قد ذكرنا أنه إذا لم يجد إزارا جاز له لبس السراويل ولا فدية، وبه قال: أحمد، وداود، وجمهور العلماء.
وقال مالك وأبو حنيفة: لا يجوز له لبسه، وإن عدم الإزار، فإن لبسه لزمه الفدية.
وقال الرازي من الحنفية: يجوز لبسه وعليه الفدية.
ودليلنا: حديث ابن عمر وابن عباس المذكورين … ».
وقال ابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٤٥٧ - ط عطاءات العلم): «إذا لم يجد إزارا فإنه يلبس السراويل، ولا يفتقه بل يلبسه على حاله، وإذا لم يجد نعلين فإنه يلبس الخفين، وليس عليه أن يقطعهما، ولا فدية عليه. هذا هو المذهب المنصوص عنه في عامة المواضع، في رواية أبي طالب ومهنا وإسحاق وبكر بن محمد، وعليه أصحابه.