للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

على كل من لبس السراويل الفدية؛ لحديث ابن عمر الذي قدمناه. ولأن ما وجبت الفدية بلبسه مع وجود الإزار، وجبت مع عدمه، كالقميص.

ولنا: خبر ابن عباس، وهو صريح في الإباحة، ظاهر في إسقاط الفدية؛ لأنه أمر بلبسه، ولم يذكر فدية، ولأنه يختص لبسه بحالة عدم غيره، فلم تجب به فدية، كالخفين المقطوعين. وحديث ابن عمر مخصوص بحديث ابن عباس وجابر.

فأما القميص فيمكنه أن يتزر به من غير لبس، ويستتر، بخلاف السراويل».

وقال أيضاً: «فصل: وإذا لبس الخفين لعدم النعلين لم يلزمه قطعهما، في المشهور عن أحمد، ويروى ذلك عن علي بن أبي طالب . وبه قال: عطاء، وعكرمة، وسعيد بن سالم القداح. وعن أحمد: أنه يقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين، فإن لبسهما من غير قطع، افتدى. وهذا قول: عروة بن الزبير، ومالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وابن المنذر، وأصحاب الرأي؛ لما روى ابن عمر، عن النبي أنه قال: «فمن لم يجد نعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين». متفق عليه. وهو متضمن لزيادة على حديث ابن عباس وجابر، والزيادة من الثقة مقبولة. قال الخطابي: العجب من أحمد في هذا، فإنه لا يكاد يخالف سنة تبلغه، وقلت سنة لم تبلغه.

واحتج أحمد بحديث ابن عباس وجابر: «من لم يجد نعلين، فليلبس خفين». مع قول علي : قطع الخفين فساد، يلبسهما كما هما. مع موافقة القياس، فإنه ملبوس أبيح لعدم غيره، فأشبه السراويل، وقطعه لا يخرجه عن حالة الحظر، فإن لبس المقطوع محرم مع القدرة على النعلين كلبس الصحيح، وفيه إتلاف ماله، وقد نهى النبي عن إضاعته.

فأما حديث ابن عمر، فقد قيل إن قوله: وليقطعهما، من كلام نافع. كذلك رويناه في أمالي أبي القاسم ابن بشران بإسناد صحيح، أن نافعاً قال بعد روايته للحديث: وليقطع الخفين أسفل من الكعبين. وروى ابن أبي موسى [صاحب الإرشاد]، عن صفية بنت أبي عبيد، عن عائشة ؛ أن رسول الله رخص للمحرم أن يلبس الخفين، ولا يقطعهما، وكان ابن عمر يفتي بقطعهما، قالت صفية: فلما أخبرته بهذا رجع»، [صوابه: أن ابن عمر كان يفتي بقطع الخفين للنساء؛ حتى حدثته صفية بنت أبي عبيد عن عائشة؛ أن رسول الله قد رخص للنساء في الخفين. يأتي برقم (١٨٣١). هكذا وقع في حديث ابن إسحاق عن الزهري، وخالفه أصحاب الزهري فأوقفوه على عائشة، وهو الصواب، ثم ذكر حديث عبد الرحمن بن عوف في الخفين، ولا يثبت، ثم قال]: «ويحتمل أن يكون الأمر بقطعهما منسوخاً؛ فإن عمرو بن دينار روى الحديثين جميعاً، وقال: انظروا أيهما كان قبل»، ثم ذكر كلام أبي بكر النيسابوري في بيان تقدم حديث ابن عمر على حديث ابن عباس، ثم قال: «فيدل على تأخره عن حديث ابن عمر فيكون ناسخاً له، لأنه لو كان القطع واجباً لبينه للناس، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه، والمفهوم من إطلاق لبسهما: لبسهما على حالهما من غير قطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>