نادى رجل رسول الله ﷺ في المسجد: ماذا يترك المحرم من الثياب؟ وهذا يدل على أنه
قبل الإحرام بالمدينة.
وحديث شعبة، وسعيد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس؛ أنه سمع النبي ﷺ يخطب بعرفات؛ هذا بعد حديث ابن عمر».
وقال البيهقي (٥/ ٥١): «ورواه غيره [أي: العباس بن يزيد]، عن ابن عيينة، عن عمرو، وقال: انظروا أيهما قبل؟ فحملهما عمرو بن دينار على نسخ أحدهما الآخر، وبين في رواية ابن عون وغيره، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن ذلك كان بالمدينة قبل الإحرام، وبين في رواية شعبة، عن عمرو، عن أبي الشعثاء جابر بن زيد، عن ابن عباس؛ أن ذلك كان بعرفة وذلك بعد قصة ابن عمر.
وأما الشافعي ﵀ فإنه قال: أرى أن يقطعا؛ لأن ذلك في حديث ابن عمر، وإن لم يكن في حديث ابن عباس، وكلاهما صادق حافظ، وليس زيادة أحدهما على الآخر شيئا لم يؤده الآخر، إما عزب عنه، وإما شك فيه فلم يؤده، وإما سكت عنه، وإما أدى فلم يؤد عنه لبعض هذه المعاني اختلافا».
• وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٥/ ١١٢): «وأجمعوا أن المحرم إذا وجد إزارا لم يجز له لبس السراويل. واختلفوا فيه إذا لم يجد إزارا هل له لبس السراويل، وإن لبسها على ذلك هل عليه فدية أم لا؟»، ثم ذكر عن مالك وأبي حنيفة أن المحرم لا يلبس السراويل وإن لم يجد إزارا، وأنه عليه الفدية، ثم قال:«وقال عطاء بن أبي رباح، والشافعي وأصحابه، والثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، وداود: إذا لم يجد المحرم إزارا لبس السراويل ولا شيء عليه».
ثم قال (١٥/ ١١٤): «واختلفوا فيمن لم يجد نعلين هل يلبس الخفين ولا يقطعهما: فذهب عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن سالم القداح، وطائفة من أهل العلم غيرهما، إلى أن من لم يجد نعلين لبس الخفين ولم يقطعهما، وإلى هذا ذهب أحمد بن حنبل، قال عطاء: وفي قطعهما فساد. وقال أكثر أهل العلم: إذا لم يجد المحرم نعلين لبس الخفين وقطعهما أسفل من الكعبين، وممن قال بهذا: مالك بن أنس، والشافعي، والثوري، وأبو حنيفة، وإسحاق، وأبو ثور، وجماعة من التابعين.
وقال الشافعي: ابن عمر قد زاد على ابن عباس شيئا نقصه ابن عباس، وحفظه ابن عمر، وذلك قوله: «وليقطعهما أسفل من الكعبين»، والمصير إلى رواية ابن عمر أولى، وروى ابن وهب عن مالك والليث: أن من لبس خفين مقطوعين إذا كان واجدا للنعلين فعليه الفدية. وقال أبو حنيفة: لا فدية عليه إذا لبسهما مقطوعين وهو واجد للنعلين. قال: ومن لبس السراويل افتدى على كل حال، وجد إزارا أو لم يجد؛ إلا أن يفتق السراويل.
واختلف قول الشافعي فيمن لبس الخفين مقطوعين وهو واجد للنعلين، فمرة قال: عليه الفدية، ومرة قال: لا شيء عليه. وقال مالك: من ابتاع خفين وهو محرم فجربها