للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لبس أبيح بالشرع لفظاً، فوجب أن لا تلزم فيه الفدية، كالإزار، ولأنه لبس لا يمكن ستر العورة إلا به، فوجب أن لا يلزم فيه الفدية، كالقميص للمرأة.

وأما الجواب عن قياسهم على لبس القميص، واستشهادهم بالأصول، فالجواب عنها واحد، وهو أن لبس السراويل أبيح لستر العورة، وذلك لأجل الغير، ولبس القميص، وحلق الشعر، وإن أبيح له إذا اضطر إليه لأجل نفسه، والأصول في الحج موضوعة على الفرق بين ما أبيح لمعنى فيه وبين ما أبيح لمعنى غيره، ألا ترى أن المحرم لما اضطر إلى أكل الصيد لمجاعة نالته فقتله افتدى، وإن كان مباحاً له؛ لأنه استباحه لأجل نفسه، ولو صال عليه الصيد فخافه على نفسه فقتله لم يفتد؛ لأنه استباح قتله لأجل الصيد [كذا، ولعله أراد: الصيال].

ثم فرق بين القميص والسراويل من وجه آخر، وهو أن السراويل إذا اتزر به ضاق عن ستر عورته، فاضطر إلى لبسه ليستر عورته، والقميص إن اتزر به اتسع لستر جميع عورته فلم يضطر إلى لبسه لستر عورته.

وأما قياسهم على غير المعذور، فغير صحيح، لأن المعذور ليس مباحاً، فلم يلزمه الفدية، وغير المعذور ليس محظوراً فلزمته الفدية».

• وقال ابن حزم في المحلى (٥/ ٦٦): «حديث رسول الله لا يحل خلافه، فليلبس السراويل كما هي ولا شيء في ذلك؛ وأما الخفان: فحديث ابن عمر فيه زيادة القطع حتى يكونا أسفل من الكعبين على حديث ابن عباس فلا يحل خلافه، ولا ترك الزيادة»، ثم ذكر أنه روي من قول: علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن عمر، وعروة، وإبراهيم النخعي، ثم قال: «وهو قول: إبراهيم النخعي، وسفيان، وقول الشافعي، وأبي سليمان، وبه نأخذ.

وروينا عن عائشة أم المؤمنين، والمسور بن مخرمة: إباحة لباس الخفين بلا ضرورة للمحرم من الرجال.

وقال أبو حنيفة: إن لم يجد إزاراً لبس سراويل، فإن لبسها يوماً إلى الليل فعليه دم ولا بد، وإن لبسه أقل من ذلك فعليه صدقة، وإن لبس خفين لعدم النعلين يوماً إلى الليل فعليه دم، وإن لبسهما أقل فصدقة. وقال مالك: من لم يجد إزاراً لبس سراويل وافتدى، وإن لم يجد نعلين قطع الخفين أسفل من الكعبين ولبسهما ولا شيء عليه. وقال محمد بن الحسن: يشق السراويل ويتزر بها ولا شيء عليه.

قال أبو محمد: أما تقسيم أبي حنيفة بين لباس السراويل والخفين يوماً إلى الليل، وبين لباسهما أقل من ذلك فقول لا يحفظ عن أحد قبله، … ، وكذلك إيجابه الدم في ذلك أو الصدقة لا نعلمه عن أحد قبله. فإن قالوا: قسنا ذلك على الفدية الواجبة في حلق الرأس؟ قلنا: القياس كله باطل، ثم لو كان القياس حقاً لكان هذا منه عين الباطل؛ لأن فدية الأذى جاءت بتخيير بين صيام أو صدقة أو نسك، وأنتم تجعلون هاهنا الدم ولا بد؛

<<  <  ج: ص:  >  >>