الضرورة، أن على مستعمله منهم الكفارة التي كانت تكون عليه في استعمال ذلك قبل حدوث الضرورة ولما كان حديث ابن عباس الذي رويناه عن رسول الله ﷺ في إباحة لا كفارة معها، عقلنا بذلك أن الذي أبيح بذلك الحديث هو لباس الخفين اللذين كانا غير محرم لبسهما قبل الضرورة، وأن الذي أبيح من لباس السراويل هو ما كان غير محرم قبل الضرورة من خروج معنى حديث ابن عباس الذي رويناه في هذا الباب، إلى معنى حديث ابن عمر الذي رويناه عنه في هذا الباب». [وانظر أيضا: اختلاف العلماء للطحاوي (٢/ ١٠٥ - اختصار أبي بكر الجصاص)].
وسوف يأتي الرد على ما أورده الطحاوي في كلام الماوردي، وابن حزم، والقاضي أبي يعلى، وابن تيمية، وابن القيم.
• وقال الخطابي في المعالم (٢/ ١٧٦) - تعليقا على حديث ابن عمر -: «وفيه: أنه إذا لم يجد نعلين ووجد خفين قطعهما، ولم يكن ذلك من جملة ما نهي عنه من تضييع المال، لكنه مستثنى منه. وكل إتلاف من باب المصلحة فليس بتضييع. وليس في أمر الشريعة إلا الاتباع. وقد اختلف الناس في هذا: فقال عطاء: لا يقطعهما؛ لأن في قطعهما فسادا، وكذلك قال أحمد بن حنبل، وممن قال: يقطع، كما جاء في الحديث: مالك وسفيان والشافعي وإسحاق. قلت: أنا أتعجب من أحمد في هذا؛ فإنه لا يكاد يخالف سنة تبلغه، وقلت سنة لم تبلغه، ويشبه أن يكون إنما ذهب إلى حديث ابن عباس، وليست هذه الزيادة فيه، إنما رواها ابن عمر، إلا أن الزيادات مقبولة، وقول عطاء: إن قطعهما فساد؛ يشبه أن يكون لم يبلغه حديث ابن عمر، وإنما الفساد أن يفعل ما نهت عنه الشريعة، فأما ما أذن فيه الرسول ﷺ فليس بفساد، وهذا في الرجال دون النساء … .
واختلفوا فيه إذا قطع الخفين؛ هل يلزمه دم أم لا؟ فقال بعضهم: لا شيء عليه؛ لأنه صار بذلك في معنى النعل، وقال آخرون: يلزمه الدم؛ لأنه لم يأذن له فيه إلا عند عدم النعل». [وقال معناه في أعلام الحديث (٢/ ٨٤٢)].
وقال في المعالم (٢/ ١٧٧) - تعليقا على حديث ابن عباس -: «قلت: وفيه دليل على أنه إذا لم يجد الإزار فلبس السراويل لم يكن عليه شيء، وإلى هذا ذهب: عطاء، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وحكي ذلك عن الثوري.
وقال مالك: ليس له أن يلبس السراويل، وكذلك قال أبو حنيفة، ويحكى عنه أنه قال: يفتق السراويل ويتزر به وقالوا: هذا كما جاء في الخف أنه يقطع.
قلت: والأصل في المال أن تضييعه حرام، والرخصة إذا جاءت في لبس السراويل فظاهرها اللبس المعتاد، وستر العورة واجب، وإذا فتق السراويل واتزر به لم تستتر العورة، وأما الخف فإنه لا يغطي عورة؛ وإنما هو لباس رفق وزينة، فلا يشتبهان، ومرسل الإذن في لبس السراويل إباحة لا تقتضي غرامة».
وقال في أعلام الحديث (٢/ ٩٣٣): «قلت: مطلق الإذن في لبس السراويل يوجب