محمد بن عيسى بن السكن أبو بكر الواسطي، يعرف بابن أبي قماش، قدم بغداد، وحدث بها، قال الخطيب:«كان ثقة»، على عادته في التوسع في هذا الإطلاق، بدليل أنه أورد له حديثاً واحداً وهم في وصله، وقد رواه الناس مرسلاً، هكذا قرر الخطيب نفسه [فتح الباب (٧٣٠). تاريخ بغداد (٣/ ٦٩٩). تاريخ الإسلام (٦/ ٨١٩)]، ومن دلائل عدم ضبطه له: أنه ذكر القطع في حديث ابن عباس؛ وكل من ذكر القطع في حديث ابن عباس: فقد وهم؛ قاله الدارقطني، كذلك فإن قصة تأوه شعبة لسماع ابن عباس من النبي ﷺ: قصة منكرة؛ إذ لا يُنكر سماع ابن عباس من النبي ﷺ، وقد كان في حجة الوداع قد ناهز الاحتلام!
• ورواه أبو أمية محمد بن إبراهيم بطرسوس [صدوق]: حدثنا روح بن عبادة [ثقة]، عن شعبة وسعيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، قال: سمعت ابن عباس، قال: خطبنا رسول الله ﷺ بمنى، قال:«إذا لم يجد أحدكم نعلين فليلبس خفين، وإذا لم يجد إزاراً فليلبس سراويل».
أخرجه ابن ممك في حديث: نضر الله امرأ (٢٧).
قلت: وهم راويه في موضعين: الأول: حيث قرن شعبة بسعيد بن أبي عروبة، ولا يُعرف هذا من حديث ابن أبي عروبة، إنما هو حديث شعبة، وبه يُعرف، حيث عين المكان الذي خطبهم فيه النبي ﷺ، وأما الموضع الثاني: حين وهم في تعيين موضع الخطبة، فقد رواه الحفاظ من أصحاب شعبة: أن ابن عباس سمع النبي ﷺ يخطب بعرفات، وليس بمنى، والله أعلم.
• وقيل أن أفارق حديث شعبة: أحب التنويه إلى كون حديث شعبة: قد اتفق على إخراجه الشيخان البخاري ومسلم، وهما أعلم الناس بالصحيح، فينبغي التسليم لهما في ذلك، وعدم الاعتراض عليهما، وقد احتجا به مع اشتماله على زيادة تعيين مكان الخطبة، وأنه كان بعرفات، وقد ترجم له البخاري في الموضع الأول بقوله:«باب الخطبة أيام منى»، وأخرج فيه حديثين: أولهما: حديث ابن عباس أن رسول الله ﷺ خطب الناس يوم النحر، ثم ثنى بحديث شعبة هذا، واقتصر منه على موضع الشاهد: سمعت النبي ﷺ يخطب بعرفات، وهذا احتجاج صريح بحديث شعبة هذا.
فإن قيل: قال مسلم بعد أن أخرجه من طريق ابن عيينة، وهشيم، والثوري، وابن جريج، وأيوب:«ولم يذكر أحد منهم يخطب بعرفات غير شعبة وحده».
فيقال: إنما أراد التنبيه على تفرده بهذا القيد، ولم يكن ذلك منه إعلالاً لحديث شعبة.
وشعبة، وما أدراك شعبة في الحفظ والإتقان والضبط، فلو انفرد بها شعبة لقبلنا زيادته.
ثم إن شعبة لم ينفرد بهذا التعيين، فقد تابعه عليه: سعيد بن زيد الجهضمي، وهو: